في الذكرى ال ٤٤ لرحيل الشاعر الفلسطيني الكبير عبد الكريم الكرمي (أبو سلمى) 1909-1980 و هو المعروف بإسم زيتونة فلسطين تحضر قصائده و كلماته الراسخة في وجدان و ضمير الناس و رجال المقاومة في فلسطين ولبنان و هي التي تشد من عزيمة التحمل و الصبر على الألم في ذكراه نستعيد حكايته مع اليرغول الفلسطيني حين قال: حكايتي مع اليرغول هي حكايتي مع الشعر و اليرغول هو الذي قادني إلى عالم الشعر و ذلك بعد أن كنت في مدينة طولكرم وقراها، أشاهد راع يخرج كل صباح بأبقاره إلى الحقول القريبة من بيتنا وكان لديه يرغول يعزف عليه ألحانه العذبة طوال النهار، ولاحقاً أصبح يعزف على يرغوله ليلاً بعد أن وقع في غرام فتاة كانت أيضاً تعيش حالة حب وتأثر بالراعي واليرغول وصوته
ويقول أبو سلمى: لقد كتبت قصيدتي الأولى متأثراً باليرغول والراعي وحبيبته بعد أن أخرجنا قسرا حين وقعت النكبة من مدينة حيفا عام 1948.
وما زال صوت اليرغول حاضراً بكافة المناسبات في فلسطين والمخيمات كمتنفس يعكس الحالة النفسية والوجدانية للإنسان الفلسطيني داخل الوطن وفي الشتات، حيث يتميز صوت اليرغول العذب بالنبرة الرومانسية التي تعبر عن الحنين والذاكرة الجماعية المرتبطة باغاني الميجانا والعتابا والأوف مشعل وأغاني الأعراس والثورة والتراث.
ويعتبر اليرغول من أقدم الآلات الموسيقية التي عرفها الفلسطينيون وخاصة في الريف الفلسطيني ويسمى المفرد منه الذي يتكون من جزأين متداخلين (الزمارة أو القصبة) والقصبة مثقوبة خمسة ثقوب من الأعلى وغالباً ما يكون هناك خيط يربطها مع أعلى القصبة، وفي أعلى القصبة يوضع شمع العسل، وذلك حتى لا يفلت أي جزء من الهواء المحبوس حيث تمسك شفتا العازف، إذ يستطيع الزمار أن يحبس كمية من الهواء الضاغط على فتحتي الزمارتين اللتين يحيط بهما الهواء المضغوط فيخرج من تلك الفتحتين قليل من الهواء، ويستطيع الزمار أن يواصل إمداد فمه بالهواء الذي ينقص، كما يستطيع الزمار أن يتنفس من أنفه وأن يحجز فمه عن القصبة الهوائية، وهكذا يتغلب اليرغول على صعوبة الشبابة في استمرار النغم وهو الآلة الموسيقية الأكثر تعبيراً عن مشاعر وأحاسيس الإنسان الفلسطيني من الشبابة والمجوز والناي وغيرها من الآلات النافخة، خاصة في أغاني الميجانا والعتابا وجفرا وظريف الطول والدلعونا والأوف مشعل واليا حلالي ويا مالي وغيرها من الأغاني والأشعار التي كتبها الشاعر عبد الكريم الكرمي ابو سلمى في دوواينه ومنها (أغنية بلادي) و (أغاني الأطفال) وغيرها من الأعمال الشعرية والمسرحية التي يحضر معها وفيها صوت اليرغول الفلسطيني، و نتذكر معه ما قاله الشاعر محمود درويش عن أبو سلمى ويرغوله وشعره حين قال: أبو سلمى هو الجذع الذي نبتت عليه أغانينا.
وما زال صوت اليرغول وأشعار أبو سلمى جزء أساسياً من أناشيد الأمل والحنين ودليلاً للعشاق والمتيمين بالحب و الثورة و المقاومة و فلسطين.
الكاتب وإلاعلامي حمزة البشتاوي