كانت رحلة إلى القاهرة، وكان المتحف القومي للحضارة وجهتنا الثانية، كل شيء من حولنا يدعو إلى الانبهار التام، فأنت أمام حاضر متقدم من حيث النظام والرقي والنظافة، حدائق غناء وشباب غض في استقبالك وتكنولوجيا متطورة من حولك لبث الأمن وسرعة الأداء.
وفجأة ينقلك أحدهم للدخول إلى المتحف، وكأنه حملك عبر آلة الزمن لتلج بقدميك عبر بوابة التاريخ أزمنة غابرة مر عليها الآلاف من السنين، ولكن ملوكها وحكامها ماثلون أمام عينيك لا تنقصهم سوى الروح لتحدثهم ويقصون عليك أحداث ما مضى في صفحة من صفحات التاريخ لن تجد أصدق منها فهي أمامك تتحدث عن نفسها بعظمة التحنيط. وخلال الموقف وهيبة المقام شعور لا محالة سيكتنف الزائر، إلا أنني تعرضت لموقف من نوع آخر هزني من الأعماق.
لقد بحثت بعد انتهاء الجولة بالمتحف عن مكان للصلاة، فوجدت مصلىً صغيرًا بجوار الجراج، فتوجهت لأداء الصلاة، أخطأت في الاستقبال الصحيح للقبلة، وبدأت أصلي، فجاء أحدهم من خلفي وعدل من وضعي لكي أستقبل القبلة الاستقبال الصحيح. أنهيت الصلاة، وبحثت عن ذلك الشخص لأشكره، وبالفعل وجدته، وبينما كنت أكيل له كلمات المدح إذا بي ألمح على ذراعه، آخر ما كنت أتوقعه إنه صليب. ابتسم لمرأى نظرة التعجب في عيني وقال نعم أن مسيحي، ولكني لم أستطع أن أراك تصلي بالاتجاه الخطأ. كانت مفاجأة بالنسبة لي لم تكن متوقعة. لكنها كانت سعيدة. غمرت قلبي بالأمل والسرور وفي النهاية لم أجد لها اسمًا سوى “إنها مفاجأة”.
القاص محمود حامد شلبي