رحل الرحيل ونحن هنا وهناك، بكل بقاع الأرض غرباء
بوحدتنا، بصورة لنا، وإخوة فارقناهم، وبسمة صديق تختفي قبل غروب الشمس، وتنتهي بالأفق وكأنها غيمةأبتت ان تموت بفصل الشتاء.
هنا تأتي شمس ذكرياتنا، فيتساقط شتاء الألم، كأنها لحظات عمر فارقتنا ولم تعد، ولم نعد نحتمل قسوة وقعها، حملناها كالأسواط تلهب الروح وتسرق الحاضر.
هنا بقينا نعد الأيام، ونستهلك اللحظات، وكأنها سيجارة العمر، تحرق على محراب الانتظار بلا عودة، وكأن القدر
مكتوبا قبل صرختنا الأولى.
همسات الروح لا تسرق الحنين إلى النور فقط، بل تجثم على صدورنا وكأنها شيطان يخترق الخيال ويرقص على مسرح وجودنا ليبحث عن المحطة الأخيرة.
أين؟ متى؟ لاين؟ ولماذا؟؟
هل هناك فرق بين لقاء الأحبة والتقاء القطارات في عاصمة هنا وعاصمة هناك، سوى اختلاف الصوت، واللهجة وحرارة اللقاء؟
لم نكفر بعد وأمنا بوحدة الله وكتبه ورسله، كأنها حقيقة مطلقة، ولم نؤمن بأن الرحيل أسلوب لتغييب الذات ولقاء النفس مع الذكريات.
نحن نصلي بزمن الضالين والكفار ألف ركعة
لنعود
نعود لاين؟
فحضن الأم أدفأ من كل المدن، وأكثر حنانا من كل عواصم الناس، فهو عمق الطمأنينة وارتياح الروح إلى حيث بدأت، إلى حَيْثُ صرختها الأولى قبل أن ترى تكالب الأضواء
.
مَن نحن؟
هل هي عيوننا السوداء من كتبت قصص المهاجر والرحالة، والموت غريب على شواطئ بحر بعيد
هل نحن من كتبنا أساطير الخلود، فوقفنا شاهدين على موت السنين على حافة سفينة تتمرجح على شواطئ.
الحياة، وألوان قوس قزح؟ ولم تعد إلى مراسيها
مَن أنت؟
أيها المهاجر منذ زمن موسى بصحراء الغربة هل تقبلت؟
تعاليم الرب العشرة.
عاد رسولنا من يثرب لمكة ولم نعد.
توقف.
انظر إلى بوصلة الحياة؛ ألا زالت تشير إلى غربة الجسد؟
هل أنت الربان لسفينة فقدت واجهتها أمام الأمواج المجنونة والعاتية؟ وهل أنت الواجهة والشراع؟.
يا ملاك الهجرات، أحرق سفن الرحيل وترجل، فقد آن وقت الوداع
والعودة.
الكاتب طلعت كنعان