‎ الرحلة الأخيرة للكاتب طلعت كنعان

‎رحل الرحيل ونحن هنا وهناك، بكل بقاع الأرض غرباء
‎بوحدتنا، بصورة لنا، وإخوة فارقناهم، وبسمة صديق تختفي قبل غروب الشمس، وتنتهي بالأفق وكأنها غيمةأبتت ان تموت بفصل الشتاء.
‎هنا تأتي شمس ذكرياتنا، فيتساقط شتاء الألم، كأنها لحظات عمر فارقتنا ولم تعد، ولم نعد نحتمل قسوة وقعها، حملناها كالأسواط تلهب الروح وتسرق الحاضر.
‎هنا بقينا نعد الأيام، ونستهلك اللحظات، وكأنها سيجارة العمر، تحرق على محراب الانتظار بلا عودة، وكأن القدر
مكتوبا قبل صرختنا الأولى.
‎همسات الروح لا تسرق الحنين إلى النور فقط، بل تجثم على صدورنا وكأنها شيطان يخترق الخيال ويرقص على مسرح وجودنا ليبحث عن المحطة الأخيرة.
‎أين؟ متى؟ لاين؟ ولماذا؟؟
‎هل هناك فرق بين لقاء الأحبة والتقاء القطارات في عاصمة هنا وعاصمة هناك، سوى اختلاف الصوت، واللهجة وحرارة اللقاء؟
‎لم نكفر بعد وأمنا بوحدة الله وكتبه ورسله، كأنها حقيقة مطلقة، ولم نؤمن بأن الرحيل أسلوب لتغييب الذات ولقاء النفس مع الذكريات.
‎نحن نصلي بزمن الضالين والكفار ألف ركعة
‎ لنعود
‎نعود لاين؟
‎فحضن الأم أدفأ من كل المدن، وأكثر حنانا من كل عواصم الناس، فهو عمق الطمأنينة وارتياح الروح إلى حيث بدأت، إلى حَيْثُ صرختها الأولى قبل أن ترى تكالب الأضواء
.
‎مَن نحن؟
هل هي عيوننا السوداء من كتبت قصص المهاجر والرحالة، والموت غريب على شواطئ بحر بعيد
‎هل نحن من كتبنا أساطير الخلود، فوقفنا شاهدين على موت السنين على حافة سفينة تتمرجح على شواطئ.
‎الحياة، وألوان قوس قزح؟ ولم تعد إلى مراسيها
‎مَن أنت؟
‎أيها المهاجر منذ زمن موسى بصحراء الغربة هل تقبلت؟
‎تعاليم الرب العشرة.
‎عاد رسولنا من يثرب لمكة ولم نعد.
‎توقف.
‎انظر إلى بوصلة الحياة؛ ألا زالت تشير إلى غربة الجسد؟
‎هل أنت الربان لسفينة فقدت واجهتها أمام الأمواج المجنونة والعاتية؟ وهل أنت الواجهة والشراع؟.
‎يا ملاك الهجرات، أحرق سفن الرحيل وترجل، فقد آن وقت الوداع
‎والعودة.


‎الكاتب طلعت كنعان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *