الشخصية والشخصية الضمنية بين الحقيقة والتخيل تحليل نفسي مبسط لرواية * نور * ل د. فاتن عرفة



قرأت رواية ((نور))
للكاتب الكبير محمد البنا
أكتر ما نراه نفسيًا في هذه الروايه وضوح الكاتب في المشاعر المقدسة.
الأداء التعبيري لكل ما يجول بنفسه رغم أنه يحاول لجام قلمه حرصًا علي مشاعر القراء .
الكاتب برع في التحدث بدلًا عن المرأة، وعبّر عن مشاعرها، والأصعب كان وصفه الدقيق لما تشعر به من عواطف وهذا ليس سهلًا، ولكنه برع في إخراج الأنثي التي بداخل كل رجل كما برع في إبراز الذكر الذي يعيش بداخل كل أنثي

أكاد أجزم أن نور هي الكاتب نفسه !
// وأهدي الروايه لنفسه لأنه يدرك انها تستحق التقدير والاحترام والإهداء لأنها تحملت كل ما دار داخل هذا العقل المرواغ والقلب الذكي //.
الصراعات كثيرة ومتداخلة…

فمنهم الصراع عند الكاتب بين نفسه ومشاعره ومبادئ المجتمع العربي وقسوة من يدعون التدين .

منذ اللحظة الأولي في الروايه وهو ينادي محبوبته؛ نجد مشاعر ملتهبة وكلمات معبرة عن المشاعر الخاصة يبوح بلا خجل من مشاعره الواضحة
مشاعر قد ينكرها البعض
ويراقب متي ستفتح أبوابها لاستقبال كلماته علي الماسنجر؛ يراقب تحول الالوان !
وهنا اللون الأزرق عندما يتحول إلى اللون الأخضر
اي دخول حبيبته علي الخاص ، ولي هنا وقفة:
اللون يبدأ بالأزرق.. لون الطموح والتمني، وعندما تفتح الخاص يظهر الأخضر ..لون النمو والحياة والتنفس .

يطوف الكاتب بين حقيقة وبين خيال
حقيقة يعيشها وخيال يطوق مشاعرنا
كأنه يقول للجميع كما قالت السيده ام كلثوم
(الحب جميل)
ولكن هو يتغني بلغته الخاصه، حتى في علاقته مع نهي زوجه محب .
كما تأكدت من أن نور هي الكاتب؛ لحظة انتظار المطار !
مشاعر الانتظار وتناول القهوة تليق بالرجل !
تصوير المشوار من كافتيريا المطار إلى آخر راكب للطائرة كانت لحظات صعبة وطويلة برغم أنها كانت ثواني زمنية لا أكثر، لكن الأديب محمد البنا جعلنا نشعر بالمسافه والزمن والخطوات المسرعة لحظات تدق القلوب بسرعة.
عتاب نور ليس عتاب امرأه تأخر حبيبها عن رؤيتها قبل السفر ، بل عتاب ناضح واعي (رجل وليس سيدة )

الأبيات التي غازل بها في الرواية كانت رائعة جدًا
برع الكاتب في لحظات إلغاء السفر للمغرب مع نور، وسعادتها لأنه لن يسافر ، ليأكد لنا النفس تستطيع التمثيل .
القصيدة التي يعشقها
الكلمات المعبرة
جيت لي منين
شاعر ولا اديب
محب ولا حبيب
مراوغ ولا ديب
هكذا هو
الأستاذ والأديب محمد البنا
العشق في صورة انسان
الحب في صورة أديب
اللهفة والشوق في صورة صمت
وظهرت شخصية محمد البنا
عندما قالت :
ألن تخاف من جنوني ؟
انفجر ضاحكا
بل أخشي عليك من جنوني أنا
وطول الوقت يؤكد المشاعر وينشرها في لوحة فنية بأصابع ذهبية تجيد فن التعامل مع المرأه
ووجدناه يرسم غيرة المرأه المحبة من السيجارة
وهذه مشاعر رجل !
حتي جملة
” أغار من الهواء الذي تتنفسه ولست معك “
تكشف شخص الكاتب الذي يجيد الكتابة وحرافية المنطق ولكن النفس تكشفه !
الحوار الذي دار بين محمد ونور وكيف بعثت له رابط للدخول عليه، واكتشف أنه رابط ليسجل اسمه لعلاج مرض، واكتشف أنها كانت تحاول البحث والتنقيب عن علاج؛ ظهر الرجل الشرقي وبالأخص المصري الذي لايقبل فكرة أن أعصابه بها شيء مرضي، أو مريض اصلًا، والطريقه التي أنهي بها الحوار وغلق الهاتف أظهرت شخصًا مصري الشخصية؛ راقي ومثقف وله كرامة، لا يسمح لأي مخلوق أن يمسها أو يلمس رجولته، ولكن عندما يشعر بأن حبيبته بذلت مجهود كبير ويفكر بهدوء يصل إلى الموافقة.
الرجل المصري المتبرع بالتجربة، ويقوم فريق مصري خاص بالتعامل معه حتي هنا ظهرت نرجسية الرجل المصري !
وكانت فرحته بنجاح تجربة نور أكبر من شفائه لأنه يحبها .
المشهد الاخير والصراع النفسي بين (الموت والحياة)
القسوة والحزن والشجن وبين الحياة الجديدة
// جعلنا نحب الموت لنحيا حياة جديدة اجمل //
تحياتي وتقديري استاذ محمد البنا. *

د. فاتن عرفة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *