يوماً بعد آخر وحكومة العدو الصهيوني المحتل تكتب سجل نهاية وجودها الإستيطاني الغاصب في أرض فلسطين ، وذلك بممارساتها الإجرامية المتغطرسة في حق الشعب الفلسطيني، خاصة قتل المدنيين الأبرياء كما حدث اليوم في عملية الإغتيال الغادرة والجبانة التي طالت أبناء وأحفاد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطيني «حماس» الشيخ إسماعيل هنية، هذا الإغتيال الغادر والذي لم يراعي حرمة قدسية عيد الفطر المبارك والذي إنتهك كل المحرمات والأعراف الدولية في حالة الصراعات المسلحة، إنما يدل ذلك السلوك الإجرامي على الفشل وخيبة الأمل التي تصيب حكومة الكيان المحتل ومعها الراعي الأول للإرهاب «أمريكا»، جراء فشل حملة العدوان الأمريكي البريطاني الصهيوني على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، الذي كان المخطط له أن تكون العملية العسكرية في حدود شهر أو شهرين بالكثير، وتكون أمريكا والكيان الصهيوني قد حققوا أهداف الحملة العسكرية في القضاء على المقاومة الإسلامية الفلسطينية في غزة، وتهجير سكانها إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وبالتالي تكون أمريكا وكيانها الصنيع في موضع القوة لفرض المشاريع الإبراهيمية ومشاريع التطبيع في المنطقة، التي تهدف إلى إجتثاث القضية الفلسطينية من جذورها والوجود الفلسطيني من أرضه، والتمهيد لمرحلة جديدة تتمكن فيها حكومة الكيان الصهيوني من إقامة مملكة داوود اليهودية الصهيونية، التي تشمل أراضي مابين النيل والفرات وأجزاء من شمال الحجاز تشمل المدينة المنورة ومنطقة خيبر،بإعتبار تلك المناطق حق لليهود «حسب زعمهم» وإستراجاعها من العرب، بعد مضي الأشهر الأولى عقب عملية طوفان الأقصى وثبات المقاومة الفلسطينية في مواقعها داخل قطاع غزة، رغم العدوان والحرب المدمرة التي شهدها القطاع، والتي لم يشهد العالم لها مثيلا، وظهور قوى محور المقاومة كطرف رئيسي مساند للمقاومة والشعب الفلسطيني، عملت المقاومة الفلسطينية على إفشال المخططات الأمريكية والصهيونية التي كانت تتوقع نهاية الحملة على غزة في غضون أسابيع محدودة، قبل نهاية العام الماضي 2023 ، كان لثبات المقاومة الفلسطينية وصبرهم وتحملهم أشدّ القصف والدمار والتجويع والحصار، ودخول قوى محور المقاومة بقوة على الخط الفضل بعد الله في إفشال الأهداف والمخططات الأمريكية، هل كانت أمريكا تتوقع ذلك الصمود الأسطوري للمقاومة الفلسطينية؟ وهل كانت حكومة الكيان الصهيوني والحكومة الأمريكية تتوقع إن اليمن سوف يكون قادراً على إرباك المشهد السياسي والعسكري في فلسطين وذلك بفرض الحصار الإقتصادي على التجارة الصهيونية في البحر الأحمر؟ وهل كانوا يتوقعوا أن تصل الصواريخ والطيران المسير اليمني والعراقي إلى عمق العدو الصهيوني؟
بالمقارنة في حالة اليمن، بعد مضي أربعين يوماً من العدوان على اليمن عام 2015 أحست أمريكا بفشلها وراهنت على الوقت لصالحها لكن اليمنيون ثبتوا وصبروا وحولو التحديات إلى فرص، تم فيها قلب المعادلة العسكرية على تحالف العدوان الأمريكي السعودي لصالح اليمن، الذي خرج بعد سبع سنوات من العدوان منتصراً قوياً يمتلك سلاح الردع، بالمثل طوفان الأقصى بعد مضي شهرين دون تحقيق أهداف العدو وفشله ، أحست أمريكا بالفشل وخيبة الأمل الشيء الذي سوف ينتج عنه تعرض مستقبل الوجود الصهيوني إلى خطر الزوال والنهاية، وسوف ينتج عن ذلك نهاية مشاريع التطبيع والمشاربع الإبراهيمية إلى الزوال، وسوف ينتج عن فشلهم إشتداد عضد قوى المقاومة الفلسطينية وقوى محور المقاومة الذين سوف يفرضون وجودهم السياسي والعسكري في المنطقة على حساب الوجود الأمريكي، وسوف ينتج من عملية صمود المقاومة إضعاف النفوذ والهيمنة الأمريكي على مستوى المنطقة والعالم وهذا سوف ينعكس على ملفات دولية ساخنة مثل الحرب في اوكرانيا وقضية تايوان، وغيرها من الملفات الدولية، لذلك رمت الولايات المتحدة الأمريكية بكل ثقلها بجانب حكومة العدو في عملية العدوان على الشعب الفلسطيني، وراهنت على عامل الوقت وهو رهان خاسر، لأن المقاومة الفلسطينية وقوى محور المقاومة قد أعدوا العدة لكل الإحتمالات ومنها الإستفادة من عامل الوقت كما استفادت اليمن من عامل الوقت في مرحلة العدوان عليه، لم تستفيد حكومة الكيان الصهيوني الفاشلة من أخطاءها الكثيرة وفشلها طيلة مرحلة عدوانها على قطاع غزة، والذي سبب لها تحولاً من قبل الرأي العالم العالمي ضدها، جراء مجازرها وقتلها للأطفال والنساء وإقتحام المستشفيات والمدارس وعمل المجازر فيها، كل تلك الأخطاء سببت تأليب الرأي العام العالمي ضد الممارسات الصهيونية الهمجية في قطاع غزة، ولم تستفد الحكومة الصهيونية من خطأها في قصف القنصلية الإيرانية في دمشق، واليوم ترتكب مجزرة في حق مدنيين أبرياء، هل سوف تمر تلك المجازر من دون ردود أفعال تنتقم من الممارسات الصهيونية؟، إن مايحدث من جزائم من قبل الجيش الصهيوني في حق
الشعب الفلسطيني يتم وفق نظريات عسكرية أمريكية هدفها نشر حالة الرعب وفرض حالات الإستسلام، والتي جربتها أمريكا في تاريخ حروبها ضد الشعوب، لكن غاب عن الذهنية الأمريكية حقيقة واحدة وهي تجاوز قوى محور المقاومة لتلك النظريات والوسائل العسكرية الأمريكية في الحروب، بدءاً من معركة جنوب لبنان عام 2006 وعملية سيف القدس في غزة، كان لليمن الفضل في دفن نظريات الحروب الأمريكية والقضاء عليها في جبال ورمال اليمن في فترة العدوان، واليوم المقاومة الفلسطينية تمارس نفس المسارات القتالية ضد العدو، وتفشل كل مخططاته ومنها عامل الوقت والإستخدام المفرط للقوة والتدمير والقتل، فلم تؤثر عملية قصف الصالة الكبرى في صنعاء من قبل العدوان الامريكي السعودي التي راح ضحيتها مئات الشهداء من قيادات الدولة اليمنية على نفسيات اليمنيين ولم يرفعوا الرايات البيضاء كما توقعت أمريكا، سوف تكتشف أمريكا في نهاية المطاف وكيانها المحتل أنهم يغرقون في أوحال غزة، ولن تورث لهم الجرائم التي يرتكبونها إلا الويلات والهزائم، لأنهم تغافلوا عن السلاح الجديد الذي بات يمتلكه ابطال المقاومة الفلسطينية وقوى محور المقاومة، وهو سلاح الإيمان والجهاد والثقة بالله والتوكل عليه وروح الإستبسال وتقديم الشهداء، التي يحسبها العدو بمعاييره القائمة على حسابات مادية، تناسى العدو إن المقاومة الفلسطينية وقوى محور المقاومة قد تجاوزوا تلك الحروب التي فرضت عليهم في الماضي، وهم يواجهون العدو بعقيدة قتالية إيمانية قوية، لايمكن ان تقف أمامها أعتى قوة مادية في العالم، من الذي جعل اليمنيون يقدمون على قصف البوارج الأمريكية في البحر الأحمر والبحر العربي، رغم فارق القوة والتسليح والإمكانيات، غير قوة جديدة إمتلكها المقاتل اليمني والمقاتل الفلسطيني والمقاتل العراقي والمقاتل اللبناني، وهو قوة الحق والإيمان والعقيدة القتالية التي تقوم على أساس إن الله هو الأقوى وهو الأقدر وهو الذي ينصر عباده المؤمنين، الغباء الأمريكي والغباء الصهيوني الذي يمعن في إستخدام القوة المفرطة في حق الأبرياء سوف يعجل بنهاياتهم ونهاية الوجود الصهيوني من أرض فلسطين، لأن المقاتل الفلسطيني يمتلك اليوم أقوى سلاح، ولن يرضى بعيشة الذل والهوان في أرضه التي يحتلها الأجنبي وهو الذي يمتلك زمام المبادرة ويقوم بالمبادءة وتحقيق عنصر المفاجئة كما حدث في يوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 2023،يوم الطوفان الذي زلزل الكيان المحتل،
على أمريكا وكيانها المحتل أن يدركوا أنهم يواجهون اليوم جيلاً من المقاتلين الفلسطينين وجيلاَ من مقاتلي قوى محور المقاومة تسلحوا بسلاح جديد لن تستطيع أمريكا مجاراته والتغلب عليه مهما بذلت من جهود، لأن ذلك السلاح يكمن في نفوس المجاهدين وهو سلاح الإيمان الراسخ الذي لايهتز ولايتزعزع ولو إنطبقت السماء على الأرض وتحركت الجبال الرواسي من مواقعها، هناك اليوم صحوة شعبية تغمر مختلف البلدان العربية تستنكر الإجرام الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني وتستنكر الوقوف الأمريكي الأعمى المنحاز للكيان المحتل، يتكسر عامل الخوف من النفوس ومايحدث للبورج والسفن الحربية في البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي من قصف على أيدي اليمنيين، يعتبر عاملاً مشجعاً لكسر الهالة الأمريكية، وتجاوز واقع الهيمنة والذل الذي مارسته أمريكا على العرب والمسلمين منذ عدة عقود.
الكاتب محمد علي الحريشي