التمكن من اللغة بكل مكوناتها وآدابها :
اللغة هي وسيلة لاتصال الفرد بغيره وعن طريق هذا الاتصال يدرك حاجاته ويحصل على ما يريده وما يريد قوله
فاللغة هي وسيلة الإنسان في التعبير عن الآمال والآلام والعواطف وما يخالج نفسه من انفعالات وميول وخواطر وإنها تهيئ له فرصاً كثيرة ومتجددة للانتفاع وزيادة الفهم
كما إنها أداة التأثير والتفكير والصلة وثيقة ومحكمة بينها وبين الفكر
لهذا يقال
إن التفكير كلام نفسي والكلام تفكير جهري
ومن المعلوم أن اللغة ليست هي الوسيلة الوحيدة للتعبير
بل هناك وسائل أخرى سواها
ولبيان أهمية اللغة ووظائفها يمـكن تلخـيص وظائـف اللغة بما يلي :
أ-الوظيفة الاجتماعية :
اللغة لها وظيفة اجتماعية مهمة فعن طريقها يتم التفاهم والاتصال بين الفرد والمجتمع فهي الموحدة للأسرة والمجتمع والرابطة بين حاضر الأمة وماضيها .
ب – الوظيفة الثقافية :
ان اللغة هي سجل الفعل والعقل الإنساني للعلم والأدب والفن والفكر والدين تناقلته الأجيال وأضفت عليها ثمار جهود ومعارف ولهذا تعتبر كل لغة مرآة لخصائص أبناءها العقلية وميزاتهم في الإدراك والوجدان والطموح .
ج – الوظيفة النفسية :
تستخدم اللغة لإثارة التذكير والوجدان لأنها تخلق لدى السامع الاستجابتين الفكرية والوجدانية ولهذا يتأثر السامع باللغة المخاطب بها فهي إذاً وسيلة الإقناع والتأثير والتذوق الفني والاستبصار الرئوي الخفي .
د – الوظيفة العقلية :
اللغة أداة بواستطها يفكر الإنسان فالألفاظ (الأدوات) تمكنه من القيام بتنظيم العمليات العقلية فالضعف العقلي يعد عائقاً أمام التفكير لان التفكير عملية ذهنية لا يمكن أن تتم دون استخدام الألفاظ الدالة على المعاني المقصودة وهنا تبرز أهمية اللغة من الناحية العقلية فالمربي يجب ان يكون فاهماً بلغته مدركاً لها متمكناً منها لأنها ستزود النشئ بوسيلة اجتماعية حياتية مهمة جداً وعليه فالمربي ومهما كان اختصاصه ان يكن متمكناً من لغته . فكيف بنا ونحن أمام اللغة العربية وبسعة مفرداتها ومعانيها الجميلة وصورها الشعرية وآدابها ونحوها وصرفها والتي هي لغة العروبة والإسلام واعظم مقومات القومية العربية ومن حق هذه اللغة علينا ان نخلص لها ومن حقها كذلك في العملية التربوية التعليمية ان توليها القسط الأكبر من العناية والاهتمام فعلى الرغم من وجود اللهجات المحلية وتعددها في الأقطار العربية وحتى داخل حدود القطر العربي الواحد والتي رُسمت للإبقاء على هذه اللهجات فالحفاظ على سلامة اللغة العربية إكراماً وهدفاً سامياً ، فاللغة العربية هي المفتاح لمواد التخصص ولا يمكن هنا الانفصال بين اللغة والمواد الدراسية العلمية باللغة العلمية والأدبية والفنية النظرية منها والتطبيقية فتقدم المتلقين باللغة يُعينهم ويساعدهم على التقدم في المواد الدراسية الأخرى ويزيدهم هذا التقدم من الاستيعاب للدروس تحصيلاً وسرعة وسهولة فهماً وإدراكاً . إن المربي يجب أن يكن واسع الاطلاع بلغته بعلومها ونحوها وصرفها وآدابها وفنونها …
4- الرغبة الصادقة في المهنة :
يقول اندريه موروا: ( ان من أخطر أخطاء المجتمع الإنساني تسرب الكراهية إلى الناس نحو أعمالهم فلا يفوق حب الإنسان لعمله ) .
ان الرغبة هي الشرط الأساسي لنجاح المربي في عمله لان الرغبة هي الدافع الطبيعي الذي يحبب إلى النفس المثابرة والجد والاستمرار دونما الشعور بالملل والرتابة .. وفد أثبتت غالبية الدراسات والبحوث التربوية والنفسية والميدانية التي تناولت التربية والتعليم والعاملين بها أثبتت على وجود علاقة وثيقة الصلة وإيجابية بين الرغبة في العمل وبين نوعية وكمية إنتاج المربي هذا من جهة وبين سلامة العوامل النفسية رغبةً ورضا ومردود ذلك لما سيقدم لخير المجتمع توافقاً وسيراً مع الفلسفة الاجتماعية العليا والتي تشكل الفلسفة الاجتماعية التربوية جزءاً منها وهنا يمكن لنا القول عن الرغبة في العمل في المجال التربوي التعليمي او عدمهما لدى المربين بأسئلة :
1- ما هي العوامل التي تبعث على الرغبة الصادقة في المهنة للمربين ؟
2- ما هي المسببات التي تبعث على عدم الرغبة ؟
3- هل يختلف الذكور العاملين في القطاع التربوي التعليمي عن الإناث في الرغبة وعدمها ؟ وهل يؤلفان شريحتين مختلفتين ام انهما واحدة بالمعنى الإحصائي والاعتباري ؟
4- وما هي علاقة الجنس / الحالة الاجتماعية / سنين الخدمة / وبين الرغبة بالتربية والتعليم والعوامل والمؤثرات والإفرازات الاجتماعية نتيجة نمو الفرد والمجتمع .
لقد شغلت رغبة المربي الكثير الكثير من المؤسسات التربوية الحكومية والنفسية أفراداً ومجاميع لتحديد الدوافع او عدمها فأظهرت هذه كلها في الربع الأخير من هذا القرن نتيجة لتحليل النتائج باستخدام مقاييس التحليل والمقارنة ثلاثة عوامل تشكل قاعدة رئيسية في الرغبة والرضا عن العمل هي .
1- المحيط الاجتماعي :
ويدخل ضمن هذا المحيط :
أ- الإشراف بنوعيه
ب- نوعية الجماعة التي يعمل بينها الفرد
ج- نوعية ظروف العمل
2- محيط العمل الداخلي :
ويندرج في ذلك انتظام سير العمل والإدماج بالعمل وما يتيحه العمل نفسه في إتاحة فرصة النمو أمام المربي ومدى إسهام هذا العمل في إثبات الذات وتحقيقها
1- المحيط الخارجي :
ويندرج في هذا المحيط :
1- الإدارة .
2- المؤسسة التربوية المشرفة على تنفيذ مجمل البرامج ومفرداتها والخطط
3- المؤسسة المرتبطة بها الإدارة .
4- المجتمع ونظرته تقديراً وحباً واحتراماً وافراداً لمنزلة معينة او على العكس وهذا مما يولد في الفرد نفسه عوامل داخلية ترتبط بذات الفرد ذكراً كان أم أنثى تصطبغ بأهدافه واماله وطموحه وما يتوقع ماذا سيكون وماذا سيجنيه من عمله وإضافة إلى وجود عوامل خارجية مثل : المحفزات المعنوية والمادية وشعوره بان عمله يجد التقدير والثناء وان هذه العوامل الداخلية والخارجية لها بالغ الأهمية في تحديد وتقرير الرغبة لدى المربي لان إحساسه بأنه صاحب رسالة سامية ومدعوماً بإفرازات ومؤثرات العوامل الداخلية والخارجية بعواملها الإيجابية على ذات المربي ستجعله شاعراً بأنه مؤثر وصاحب دور في انجاح العملية التربوية .
نعم ان الرغبة الصادقة في العمل واشباع الحاجات النفسية الرئيسية المؤثرة في الرغبة والرضا عن المربي هي الركيزة في النجاح العملي للمربي فقد اجمعت كل الدراسات التربوية والنفسية في كل نتائجها على اهمية اشباع الحاجات النفسية المؤثرة ومن أهمها الاستقرار / العيش الراضي / الشعور بالانتماء وهذا برأينا مهم جداً في المربي / حسن المعاملة / الشعور بالنمو وتحقيق الأهداف القصيرة المدى والبعيدة وهذا ما نجده غير معار الأهمية او غير موضح او عدم اطلاع المربي عليها ان شعور المربي ان دوره في العملية التربوية هو دور إثبات الوجود أمام التحديات هي من أقوى البواعث في المربي بل والباعثة على الإبداع والإخلاص تفوق غيرها من البواعث إن أي تقصير في كفاية المربي يتسبب عنه خطر جسيم بالنتيجة القريبة والبعيدة ويمتد أثره في كيان المجتمع ويصيب قيم واهداف في الحاضر والمستقبل لذا اصبح لزاماً دراسة هذه ووضع الحلول المناسبة معالجةً وتقويماً بعد معرفة الأسباب المسببة وفصل المسببات التي تعود إلى رغبة المربي الصادقة والرضا عن عمله ان الوطن والامة في أمس الحاجة لنشئ متسلحاً بالعلم والإيمان واثقاً بقدرته وقادراً على الدفاع عن أرضه وبناءه لم يكن ذلك ممكناً على اكمل وجه ما لم يكن المربي صانع الأجيال راضياً عن عمله راغباً بصدق في عمله متحمساً له مقبلاً عليه بحيوية عالية وعليه يمكن القول ان المدرسة بأسرتها التعليمية والتدريسية والطريقة التعليمية بمعلمها ومدرسها والإدارة المدرسية بمديرها والصف (الفصل) بمعلمه / ومدرسه .
د. ياسين جبار الدليمي