الزقاق الذي أقطنه رتيب وموحش. أغلب السكان من طبقة اجتماعية واحدة، نعمل طول النهار وننام بعض الليل.
تلك الرتابة لم تكسرها إلا عائلة جديدة أتت لتسكن بيننا. عائلة بنوافذ يملؤها الورد. السيدة تمارس جري الصباح بملابس لاصقة وحين لا تجري يلصقها زوجها بابتسامة فضفاضة ناهيك عن أبنائهم الذين يفرحون بالإنجليزية ويتسابون بالفرنسية.
عائلة بذاك الرقي لا بد أن تكتمل بحيوان أليف يكمل المشهد، سلفستر قط الشانشيلا الأبيض ذو الشعر الذي يكاد يغطي ملامح وجهه.
سلفستر كنت تلقاه إما مغرغرا على النافذة أو محمولا بأيدي عداءتنا الناهدة لكن العيش قرب قطط البروليتاريا له ضريبته؛ القط المخملي وطأت أقدامه الشارع!!
تلك الوطأة كانت فأل سوء على عائلته إذ عرفت بعض المشاكل المادية فلم نعد ننعم بسيقان الصباح والأولاد بدؤوا يغضبون بالفرنسية ويتلاعنون بالعربية. أما المسكين سلفستر فقلت غرغرته واتسخ بياضه وصرت تراه قرب حاويات الأزبال أو مع قطط ذات ذوق فئراني.
لم يكمل الحول دورته حتى رحلت العائلة بعد سب وشتم مع الجيران بالدارجة الفاحشة ورمي بالأصابع المعكوفة. الأوغاد أخدوا كل شيء معهم إلا بقية الشانشيلا، تنكروا له وتركوه بعد أن غادره بياضه وجش مواؤه.
آه على القط الذي كنا نحلم بغد كحالته، انتهى المسكين بحالة كيومنا.
الكاتب عبدالغني تلمم