إنقسامات عميقة واتساع فجوة الخلافات بين الولايات المتحدة وكيان الاحتلال بات واضحاً.. الحليف القوي يتزعزع أمام ضربات المقاومة، التي خطت مسارات جديدة أكثر عمقاً مما هو متوقع، اجتماع المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين وما تلاها من مؤتمرات صحفية منفصلة كشفت الخلافات حول قضايا تتعلق بما بعد الحرب، وكيفية تأمين إطلاق سراح المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.
خطوط عريضة لامستها زيارة بلينكن، وصفها آرون ديفيد ميلر الزميل البارز في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والمسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية بأنها تعكس صعوبة العملية الدبلوماسية برمتها، لكون المتحاربين هم من يحددون قوس الأزمة، داعياً الجميع لليقظة بشأن تقييم الدرجة التي من الممكن لواشنطن أن تغير بها مسار هذه الأزمة بشكل أساسي.
“رد مفرط” ، بهذا الوصف علق الرئيس الأمريكي جوبايدن على الرد العسكري الإسرائيلي في غزة، أمام سيل من الخوف على الأبرياء هناك، ممن يتضورون جوعاً ويواجهون مشاكل ويموتون، مطالباً بالوقت ذاته إيقاف ذلك..
تحول يشوبه القلق، لا بل يثير الاستغراب، يؤكده الاختلاف الصارخ بين بلينكن ونتنياهو في تقييم الشروط الأخيرة التي عرضتها حماس لإطلاق سراح قرابة 130 محتجزاً لديها، وليس جميعهم على قد الحياة، أمام تأكيدات فلسطينية بأن الزيارة ماهي إلا لحماية (إسرائيل).
إذاً من المبكر الحديث عن وقف الحرب، فما تهدف إليه زيارة بلينكن هو ضبط شكل الحرب فقط وجعلها منسيةً لا يلتفت إليها أحد، بينما يجد البعض فيها نوعاً من تلميع صورة إدارة جو بايدن أمام ناخبيه قبيل الانتخابات، وعدم توسيع جبهات الحرب الأخرى، أمام قطع للوعود دون أي ضمانات.
أمام هذه الرؤى والتحليلات لا تزال الرؤية الأمريكية تسعى لتخفيض عمليات القتل في قطاع غزة، والذهاب إلى المرحلة الثالثة القائمة على عمليات مركزة، وربما هذا هو التناغم الإسرائيلي الأمريكي في خفض عدد ضحايا الحرب مقابل إطالة أمدها، ما يعني المزيد من الاستهدافات وعمليات الاغتيال، بموازاة مسار سياسي بدأت تتبلور مخرجاته.
الصحفية بارعة جمعة