عمودُ نورٍ
مصلوبٌ علىٰ تقاطعٍ
والليلُ المستبدُّ بزرقتهِ يعذّبُهُ
فيضيءُ
بومةٌ حكيمةٌ
تَسكنُ سقفيَ المنقّطَ بالنجومِ
وكلابٌ تَحومُ علىٰ تخومِ دائرتي
أسندُ ظهريَ المقوّسَ
علىٰ مربّعِ الحقلِ النائمِ في عتمتهِ
وأمامي الترعةُ مستطيلٌ يجري
ويجرُّ ما ترسّبَ منْ ذاكرةِ الحقولِ
ومصفوفةُ الأشجارِ مثلثاتٌ
مائلاتٌ علىٰ ضلعيهِ المتينَينِ
أنعسُ قليلًا
وأقومُ
أمشي علىٰ بياضِ ظلّيَ المستطيلِ
أعبرُ انحناءةَ الجسرِ
للضفةِ الأخرىٰ منَ القريةِ
البيوتُ
مكعباتٌ متناثراتٌ
علىٰ فضائها الأخضرْ
والجرنُ
شِبْهُ منحرفٍ رماديٌّ
يقوّمُهُ لِعْبُ الصبْيةِ وتجفيفُ الحبوبِ
والتبنُ
أهرامٌ صفراءُ
تزيّنُ الأراضي بعدَ الحصادِ
ويتجلّىٰ علىٰ قمّتِها “أوزيريسْ”
أبراجُ الحمامِ
مخاريطُ
تسمو بهامتِها وأحلامِ حمائمِها
فوقَ واقعِها المُمِلِّ
أقواسُ الطيورِ
تقاطِعُ
أقواسَ الغمامِ
وترسمُ للسماءِ قِصةَ الكفاحِ المسالمِ
القطارُ
أسطوانٌ ريفيٌ قديمْ
يتدحرجُ فوقَ خطَّيهِ اللانهائيَينِ
والناسُ
منحنياتٌ تترجرجُ في جوفهِ
وفي جوفِهمْ يترجرجُ بَيْضُ المعاني
يفقسُ أوْ ينكسرْ
سوقُ الأحدِ سوفَ يلمُّ منعرجاتِهمْ
ويبعثرُها سوقُ الأماني
في عمقِ المشهدِ الدائريِّ
حيثُ الشمسُ في أفْقِ اللوحةِ كرةٌ فاقعةٌ
بيْنَ هُلامِ السحابِ
تَسكبُ لونَها علىٰ قطيعٍ منَ البقرِ المبقّعِ
يَسيرُ في شَمالِ اللوحةِ
بينَ الحقولِ المتوازياتِ
بالقمحِ والبرسيمِ والبنجرْ
وفي غربِها
بيكاسو يرسمُني بقلبيَ المستديرِ
وشَعريَ الطويلِ
وعينيَّ الزمردتَينِ
ويهمسُ لي مُشيرًا بفرشاتهِ:
للحقيقةِ ستةُ وجوهٍ
تغوصُ تحتَ الظاهرِ
وتطفو فوقَ التكعيبِ
(*) الكوم الطويل: القرية التي تعود إليها أصول الشاعر.
الشاعر محمد غازي النجار