بين (ليلة الطائرات الشراعية) وشراعيات طوفان الأقصى

من لم يسمع بخالد أكر ورفاقه فليبحث عما أضاع من ذاكرة الوطن. تُرى ما الرابط ما بين طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 وبين عملية قبية ـ ليلة الطائرات الشراعية في الخامس والعشرين من نوفمبر 1987؟
لنعد بالذاكرة عدة سنوات حينما خاطب رئيس حكومة الاحتلال آنذاك مناحيم بيغن مستوطني مغتصبات شمال فلسطيننا المحتلة بعد عملية سلامة الجليل والتي اجتاح على إثرها جيش الاحتلال العاصمة اللبنانية بيروت والجنوب اللبناني عام 1982, خاطبهم بقوله: ” آن الأوان أن تنعموا بالهدوء والأمن والاستقرار للأبد.”
أعود لأتساءل: هل حقاً وجدوا ما وعدهم؟


لم تمض سنوات خمس حتى انفجر أتون الرعب في قلب المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بعد أن فتح أربعة فدائيين واقتحموا جدار الأمن الإسرائيلي الهش محلقين بطائرتين شراعيتين في ليلة أطلِق عليها ( ليلة الطائرات الشراعية).
إنهم فتية آمنوا بفلسطينهم، التونسي ميلود ناجح بن لوما 34 عاما والسوري خالد محمد أكر 20 عاما وفدائيان فلسطينيان بقي اسماهما طي السرية، تلك العملية التي نتجت عن مقتل عدد من جنود النخبة في لواء جولاني.
استشهد خالد بعد هبوط طائرته الشراعية واشتباكه مع قوات الاحتلال فيما استشهد ميلود وبعد اشتباكه أيضاً وهبوط طائرته في موقع تسيطر عليه قوتان مشتركتان من جيش الاحتلال وجيش لبنان الجنوبي العميل!


لعل سائل يسأل ما الرابط بين عملية قبية أو ليلة الطائرات الشراعية وصبيحة طوفان الأقصى؟
إن استراتيجية المفاجأة في كلا العمليتين واقتحام أكثر المواقع لجيش الاحتلال تحصيناً مع الفارق بين القوة والنتيجة لكلا العمليتين واستمرارية العدوان وبطشه حتى اللحظة في غزة هو أحد وجوه المقاربة للفعل الفدائي المقاوم، وهو الدلالة البينة والواضحة دون لبس على أن هذا الكيان مهما تحصن وتمكن فإن جدرانه واهية.


ولعل المقاربة الأكثر واقعية هي في اجتراح الفدائي آليات وأدوات للمجابهة والمواجهة والاشتباك، فلئن بدأت ليلة الطائرات الشراعية بشراعيتين فقد توجت تلك العملية صبيحةُ السابع من أكتوبر بالعديد من المُسَيّرات الشراعية أذهلت العالم بإرادة الفلسطيني وإقدامه وبسالته في مواجهة أعتى وأكثر جيش قوة وتسليحاً في المنطقة ورابع أقوى جيش على الصعيد العالمي، جيش الاحتلال الإسرائيلي.


نسبت عملية ليلة الطائرات الشراعية لقرية قبية الواقعة إلى الشمال الغربي من مدينة القدس العاصمة، وهي بلدة اقترف فيها العدو الصهيوني بقيادة آريئيل شارون في الرابع عشر من اكتوبر 1953 واحدة من مئات المجازر ضد المدنيين الفلسطينيين ليستشهد فيها 51 فلسطينياً ويجرح 15 وتعمل قوات الإحتلال في منازل القرية نسفاً وتدميراً لتبقى قبية المجزرة شاهداً على نازية الاحتلال ولتبقى قبية ـ ليلة الطائرات الشراعية وطوفان الأقصى شاهداً على إرادة الفدائي وإيمانه بالفعل المقاوم طريقاً وإيماناً بحتمية النصر والتحرير.

الأديبة أسما ناصر أبوعياش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *