ثنائي متمرد للكاتبة فاطمة وجى

لم أنا هنا؟!
لم آت حتما من أجل مراقبة هذا الكائن الصغير، ألهمني الانتظار لفعل ذلك، أو ربما الفراغ هو ما جعلني أتأمل هذه العنكبوت، بينما المسكينة غارقة في حماية خيوطها الرفيعة.
أجدها جامدة، ساكنة، كمن يبحث عن شيء ضائع، أو ينتظر حدوث أمر ما. أتوقع أنها تطارد صوتا ما، ووقع خطواتي أفسد عليها مهمتها. هل علي الهروب بعيدا وتركها خلفي؟ لا، سنظل هادئتين إلى أن تقوى إحدانا على التحرك.
هي بلا شك تترقب الحصول على صيد ثمين، وأنا أترقب منها حركة رشيقة على أحد خيوطها. علي أن أتحدث علها تلتفت إلي، لكن حتى إن فعلت، لن يصلني من بريق عينيها شيء.
ماذا لو كان وجودي يزعجها ويثقل صدرها؟؟؟ لا سبيل لمعرفة ذلك، أعلم فقط أنها تخشى اقترابي منها.
تابعت مراقبتي الهادئة لها، وتابعت هي سكونها وعدم اكتراثها بي، وفي ذلك رسالة واضحة لي بتركها والابتعاد عنها. لكني كما هي، متمردة.
بإمكاني الابتعاد قليلا، لا بد أن أخنق هذا الفراغ بحركة منها. تراجعت إلى الخلف، لكنها ظلت على حالها. تعاندني ولا تعلم أنها قد تصبح صيدا لغيرها بعنادها لي، وإن حدث ذلك، سيبقى جزء مني، القليل فقط، يراقب خيوطها بعد أن تتحول هباء.

الكاتبة فاطمة وجى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *