لم يفعل شيئا منذ طفولته سوى ارتكاب الجرائم، ففي عامه الخامس، امسك هرته من رقبتها ولا زال يشد عليها بيديه الاثنتين غير شاعرا بمخالب المسكينة التي انغرست في جلده مرات عديدة إلى أن استكانت ومالت برأسها. وبعد عملته تلك أخذ جثتها ووضعها خلف دولاب سيارة والدته التي أصابها الهلع عند رؤية الدماء تسيل من المسكينة التي اصبحت أشبه بفراء ملتصق بالاسمنت… بداية لم تستطع تخطي الأزمة وظلت لأيام بدون طعام حتى نقص وزنها وشحب لونها وكلما نظرت الى السلة الفارغة تقول بصوت عال:
أنا قتلتها ! أنا قتلتها!
وبعد هذه الحادثة رفضت تربية أي حيوان آخر… رفضت الأرنب الذي أحبه، ورفضت الهرة اللقيطة التي أحضرها من الشارع، ورفضت حتى طلب الجيران بالعناية بعصافيرهم أثناء سفرهم…
بكت والدته الهرة بينما هو لم يرمش له جفن…
في عامه السابع، وخلال زيارة لمنزل جده ، رأى جده يضع سما للفئران في زاوية الحديقة. اعتنم فرصة وجود الجز في الحمام، ركض مسرعا وأخذ السم ليضعه في جيبه الصغير. في اليوم التالي، لم يستيقظ أخوه الصغير.
وظن الجميع أن الطفل قد التقط السم خلال حبوه.
ونسيت أمه القطة أمام موت الولد.ولبست الاسود لسنوات ولم تبارح البيت مطلقا.
في عامه العاشر، دخل منزل جارته العجوز التي دعته ليتناول بعض حلوياتها… انتهز فرصة انشغالها ليفتح مفاتيح الفرن، أخذ صينية الحلوى وعاد الى منزله… بعد ساعات، سمع صوت الاسعاف يضج بالحي الهادئ وتحت الغطاء الابيض، شاهد قدما مجعدة بيضاء…
في مراهقته، لاحظ الجميع انبعاث إضاءات فوسفورية غريبة من عينيه… لم يعرفوا تفسيرا لهذا الأمر…
واخذت الانبعاثات بالتزايد ، وتشكلت هالة فوق رأس الصبي… هالة رمادية قاتمة …
ولم يعرف سكان الحي سر الاشباح الهائمة في عتمة الليل ولا صوت مواء الهررة المختبئة.
ويوما بعد يوم، ازداد عدد الاشباح وخرق النباح سكون الليل… وتتالت الجنائز بلا خطب وداع ولا مشييعين.
الكاتبة زينة الغول