لن يكون السابع من أكتوبر 2024 يوما خريفيا مشمسا ولطيفا هذا العام فهو ذكرى لوجع يؤلم الولايات المتحدة وقاتلها المأجور دولة الاحتلال وهما لن يستطيعا ان يجعلاه يمر ككل الأيام ليصبح فيما بعد يوما وذكرى ثابتة يحتفل به العالم على انه الهزيمة الابشع للشر إمام الخير وللظالمين امام المظلومين وللجريمة امام العدل وللثروة امام الروح وقد يكون ذلك هو السبب في دحرجة المقتلة الى ان تصل الى ذلك اليوم لعل وعسى يجدون فرصة لشطب صورة هذا اليوم من الذهنية الكونية.
دولة الاحتلال يحكمها ويساندها أولئك الذين يعتقدون انهم شعب الله المختار أي انهم الأسمى والأرقى والأفضل وبالتالي لا يجوز لاحد على وجه الأرض من الأغيار ان يتفوق عليهم وهم في نفس الوقت تسكنهم هواجس عقاب الله والتيه والضياع وهو ما يسعون لتجنبه بكل السبل وبدون اية ضوابط خصوصا وان هناك من يدعم قناعاتهم هذه من الصهيونية العالمية واستعبادهم لتحقيق أهدافه في الشرق الأوسط بمنحهم كل الدعم الذي يحتاجون لتحقيق أهدافهم.
في مؤتمريه الصحفيين بالعبرية والانجليزية قال نتنياهو تقريبا كل شيء يعتقده ويكر به ويسعى لتحقيقه على الأرض ومما قاله يمكن ان نقرأ ما يلي
أولا: ألغي الضفة الغربية والقدس من الخارطة وأبقى على غزة ليقول ان القضية الفلسطينية ومشروع الدولة الفلسطينية هناك أي على ارض غزة فقط وبطريقته هو لا بطريقة أي كان واذا لم يتمكن من إلغاء كل الفكرة مع الزمن فلتكن الدولة الفلسطينية الخانعة في غزة فقط وبلا سيادة على الاطلاق وفي أحسن الأحوال ولسنوات طويلة بسيطرة أمريكية ترغب بها الولايات المتحدة للسيطرة على الغاز الفلسطيني وقناة بن غوريون التي ستشكل أداة لإضعاف مكانة ودور وقدرة مصر الراغبين بأضعافها ومنعها من ان تحصل على مكانتها الحقيقية كقوة أولى في الشرق الأوسط جميعه.
ثانيا: انه حصل على مشروعية دولية بوجوده في غزة لن يحصل عليها مرة أخرى إذا خرج من غزة دون تحقيق الأهداف كما حدث معه عام 2000 بالخروج من لبنان وعام 2005 بالخروج من غزة وهو لذل يضع العراقيل بدعم سيده امام الخروج أولا على امل تحقيق اهداف باتت اكثر من بعيدة بالقضاء على المقاومة وثانيا لصناعة قضية يجري التفاوض حولها عنوانها غزة بكل القضايا الجديدة التي صنعها الاحتلال وسيده مثل فيلادلفيا ونتساريم وكيسوفيم ومعبر رفح والاعمار والعودة للشمال او حتى للوسط والشمال بعد ذلك والإغاثة والإدارة والصحة والتعليم والاونروا ولذلك اعلن عن تعيين حاكم عسكري لغزة ويتحدث عن إعادة الاستيطان الى هناك.
ثالثا: ان ما جرى في غزة يوم السابع من اكتوبر سيجري من لبنان ملمحا الى ان عليه ان يفعل في لبنان او جزء منه نفس ما فعل في غزة أيضا كعمل استباقي لأمر لا مفر من قدومه . رابعا: ان الاخطار من الضفة الغربية أكبر بكثير من اية اخطار أخرى لأسباب كثيرة وكرر انه يستحيل عليه قبول فكرة دولة فلسطينية تبعد عن البحر خمسة دقائق.
وبالتالي فهو بناء على ذلك أشاع ويشيع عبر كثيرين ان حماس والمقاومة وإيران تحديدا تحضر لسابع من أكتوبر جديد من الضفة الغربية وهو يصر على ان السلاح الذي بيد المقاومة في جنين وغيرها يأتي من إيران عبر حزب الله وسوريا مرورا بالحدود الأردنية حتى انه ارجع عملية الجسور من السائق الأردني الى طهران ويحاول عبر بعض الابواق الصهيونية ومنها ابواق عربية للأسف تضخيم نوع وكمية السلاح في الضفة الغربية ورغم نفي المقاومة الا انه أصر عبر اعلامه ان المقاومة في جنين استخدمت آر. بي. جي في هجومها على جيش الاحتلال.
في سبيل صناعة سابع من اكتوبر خاص به فان الاحتلال وسيده سيعملون كما اعتقد على ما يلي
أولا: تحقيق رغبة الرئيس الفلسطيني وكل القيادة كما أعلن بل وقدم طلبا رسميا للاحتلال بالسماح له بالانتقال الى غزة وهو ما اعتقد ان الاحتلال سيفعله يوم السابع من أكتوبر لينقل كل ما له علاقة برمزية الدولة الفلسطينية الى قطاع غزة وقد بدأ التحضير لذلك بتقييد حرة هذه القيادة وسحب الصفة الدبلوماسية على ممثلي الدول لدى السلطة ويوقف تقريبا كليا تحويل الأموال للسلطة وانتهى من السيطرة على الأغوار ومسافر يطا وأعلن بسط سلطته على مناطق ( ب ) كليا وفعل ذلك في مناطق ( ا ) عمليا خصوصا شمال الضفة الغربية.
ثانيا: جعل يوم السابع من أكتوبر اعلان مختلف للحرب من قبلهم على جبهتين الضفة الغربية بإعادة احتلال شمالها بفصله كليا على يد الجيش عن الوسط والجنوب وفعل ذلك في الوسط والجنوب على يد عصابات المغتصبين وإسناد جيش الاحتلال وبالتالي يؤسس للجيتوهات التي يخطط لها في الضفة الغربية وهو ما قد يدفع محور المقاومة الى تصعيد حربه على الاحتلال وبالتالي تنفتح أمامه الطريق الى بدء الحرب على حزب الله في الشمال أيضا او انه سينهي ما بدأه في الضفة ويتفرغ كليا لحزب الله ولبنان ان أمكنه ذلك.
وبالتالي فان على المقاومة في كل الجبهات ان تتحضر جيدا لمثل هذا السيناريو او ما يشابهه وان تدرك جيدا جدا ان العقلية الصهيونية لن تسمح ان استطاعت ان تترك يوم السابع من أكتوبر ان يمر كيوم ذكرى لأعظم هزيمة لحقت بهم على الطريق الى الانتصار التام على الاحتلال وسيده وبكل الأحوال اكان ذلك بهذا السيناريو او سواه فان الهدف اغتيال الصورة التي صنعها السابع من أكتوبر للمقاومة فلسطينيا ولمحورها كبطولة وصورة الفشل للقاتل المأجور وسيده لم يحدث مثيلا لها عبر تاريخهم معا.
النتيجة السياسية التي يخطط لها الاحتلال وسيده هي
أولا عزل إيران واضعافها بإضعاف قوى المحور وفي المقدمة عبر اضعاف الجبهة الخلفية الوسيطة بين إيران وحزب الله ( سوريا ) ولذلك يأتي التركيز عليها عسكريا هذه الأيام كمخزون استراتيجي لحزب الله عسكريا قبل البدء بتوجيه ضربة لحزب الله ولبنان للوصول للحالة التي يرغب بها على الجبهة الشمالية ان امكنه ذلك. ثانيا: إضاعة قضية فلسطين وحصرها بحكاية الاعمار في غزة عبر إقامة اجسام جديدة مثل مجلس الإدارة والاعمار لغزة على طريق إدارة مفاوضات لا تنتهي عنوانها غزة ليمنح لنفسه فرصة ترتيب الأوراق كما يرغب في الضفة الغربية.
ثالثا: لان الاحتلال لا يستطيع ولن يستطيع وهو أيضا لا يرغب بترحيل الفلسطينيين الى الأردن ومصر لان مصر والأردن والمجتمع الدولي لن يسمحوا بذلك ولأنه لا يريد زيادة قوة القنابل الموقوتة على حدود فلسطين المحتلة مباشرة ولذلك ستكون غزة وجهته للتهجير ترانزيت الى العالم الخارجي دون ان يمنعه أحد الا الشعب الفلسطيني وحلفائه محور المقاومة ومن يؤيد قضيتنا كروسيا والصين وجنوب افريقيا وقوى الخير في العالم ممن يعادون سياسة الولايات المتحدة ولذا فان كبح جماحهم هو ما يسعى اليه الاحتلال وسيده ان أمكنهم ذلك.
ثالثا: الانقلاب على الدور الأردني في القدس وتدويل هذا الدور لينتهي الاحتلال من أي صورة للقدس غير التي يريد
رابعا: الإسراع بأقرب وقت لإعادة احياء وتوسيع ما سمي باتفاقيات إبراهيم للتطبيع
إذا لم تبادر القيادة الفلسطينية بالتعاون مع محور المقاومة ومن معهم من قوى الخير عربيا واسلاميا ودوليا فان الاحتلال وسيده لا بد ذاهبون الى هناك وهذا يعني ان حالة الغياب التي تعيشها منظمة التحرير والسلطة وقواها ستكون المقصلة لإضاعة كل ما تم وكل ما حدث خصوصا وان العالم وأحيانا العرب والمسلمين والبعض من الفلسطينيين يستجيبون جيدا بدراية او بدون دراية الى أخطر ما في الرواية الحالية وهي ان هناك انقسام مطلق وخلافات جذرية حول الحرب بين نتنياهو والجيش ويبدو الجيش حمامة سلام اما أطماع
نتنياهو الشخصية بالسلطة لا اكثر ولا اقل وان كل ما جرى ويجري سببه شخص اسمه بنيامين نتنياهو وان هدفه من ذلك هو البقاء في السلطة في الوقت الذي تعطي فيه استطلاعات الراي في دولة الاحتلال ” القاتل الماجور ” المكانة الأولى بالمطلق لشخص مثل بينيت الأكثر يمينة من نتنياهو والذي حين وصل لرئاسة الحكومة قلب كل الطاولة وهو اول من اعلن ان لا دولة فلسطينية على الاطلاق والغى التعاطي مع السلطة الفلسطينية على قاعدة سياسية قبل ان يفكر نتنياهو بذلك وما يجري اليوم هو استكمال لما بدأته لحكومة بينيت – لبيد ومن يصدق ان هناك صراعا بين نتنياهو والمعارضة بعيدا عن انجاز الصفقة قبل الانتهاء من ذبح شعبنا لا يمكن وصفه الا بالسذاجة السياسية وبالتالي فان الحذر من يوم السابع من اكتوبر 224 يجب ان يكون بحجم ادراكنا الى قيمة وتأثير ما جرى يوم السابع من أكتوبر 2023.
الأديب عدنان الصباح