حسين مردان ( 1927 – 1972 ) للناقد عبدالهادي الزعر

ولد فى مدينة طوريج يوم كان والده علي مردان – عريفا – بسلك الشرطة يأتمر بأمر رؤسائه اينما يوجهوه

نشأ ثائراً ساخطاً على كل شىء بين جوع وغضب وتشرد ، وحين شب عن الطوق ابتدع نوعا من الشعر الحر أسماه ( النثر المركز )

وهذا النوع من الفكر أختلف تماما عن انماط من سبقوه :

صلاح ستيته – فيلكس فارس – البير اديب – رفائيل بطى – يوسف الخال جوج شحاده – نادية توينى – أنسى الحاج – الماغوط وحتى ادونيس وأغلبهم يكتب بالفرنسية ويجيد الانكليزية

شب مشاكسا وسط الضنك والضيق المادى القاتم مع والدته وشقيقاته متمرداً منزويا فى بساتين – الهويدر – ببعقوبة يقرأ ويكتب بنهم وبصمت –

اول امره

كان معجباً بمجموعة الرسامين البولنديين المقيمين يومذاك ببغداد وكان يشتاق لفنهم ولجماعة ( الوقت الضائع ) التى كان قوامها نزار سليم وعبد الملك نورى وجواد سليم وخلدون ساطع الحصرى كما تعرف تباعا على بلند الحيدرى وشاكر حسن اّل سعيد وزهير احمد القيسى وغائب طعمه فرمان –

اصدر عام 1949ديوانه البكر ” قصائد عارية ” مستفزاً لمشاعر القراء ومتأثرا ببودلير غربا والياس ابو شبكة شرقا مما اثار حفيظة المتزمتين ، وسيق على اثرها للمحكمة لنيل الجزاء ولكن المحامى صفاء الاورفلى دفع ببراءة الشاعر كما استعانت المحكمة ب د- مصطفى جواد واحمد حامد الصراف لخبرتهما باللغة العربية وشجونها فبرئاه من الذنب وتهمة الفاحشة والتحريض ووصفا شعره بالحداثة والتجديد –

كانت اّرائه على الدوام حادة لاتقبل المساومة كتب مرة فى عموده الاسبوعى فى مجلة الف باء :

( الوجودية ليست فلسفة أباحية كما يصفها انصاف المثقفين وانما مرحلة فكرية هدفها تحرير العقل من القيود والتقاليد التى فقدت قابليتها ، وخلق قيم جديدة تناسب تطور الفكر البشرى )

فى عام 1952 القى القبض على حسين مردان من قبل البوليس السرى بعد اشتراكه بمظاهرة ضد النظام ومعاهدة ( بورت سموث ) وأودع فى سجن ابو غريب حيث حكم عليه لمدة سنة او بدفع مبلغ ضامن يؤمن له الحرية ولكونه لا يملك مالاً !

ففضّل السجن ، ونقل اثرها لسجن الكوت الرهيب ومن يومها تحوّل من عبثي الى وطني وارخها فى ديوانه – الازهار تورق — ص 121

لم يعلم سابقاً ان رفاق السجن غايةً فى الوطنية والروح المعنوية العالية –

وكتب معرّفاً نفسه :

” أنا رجل شارع حقيقي ، بلْ أنا أكثر من ذلك ؛ إنني شيخ المشرّدين في العراق وفي العالم. و تشردي لا يرجع لأسباب اقتصادية أو سياسية ، لأنني أملك داراً جديدة ومورداً محترماً، ولكنّي عبد حرّية لا تُطاق ! حرّية ترفض أنْ تُربط حتى بشعرة رفيعة..”

اخر قول له قبل ان يودع الدنيا :

( والان اتركونى وحدى لأعرف نفسى وافهم حقيقتى

وداعا يااصدقائى وداعا الى الابد

الربيع والجوع نهاية المطاف )

رحم الله حسين مردان جريئاً فذاً مفوهاً –

الناقد عبدالهادي الزعر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *