لم يصدق أذنيه، عندما فاجأته قائلةً
- أنت
فز من استلقائه على ظهره، واستوى جالسًا - أنا ؟
- نعم أنت..
صمتت برهة تتفحص عينيه المندهشتين، ثم استلبت سيجارة من علبة سجائره الموضوعة على طاولة بجانب الفراش؛ أشعلتها، ثم نحّتها عن شفتيها، و أردفت بنبرة صوت آتٍ من ماضٍ سحيق - كنت وقتئذ في الخامسة عشر من عمري، وكنت أنت مدرس الكيمياء، حين اختليت بي ذات مساء أثناء مداومتك الأسبوعية في منزلي ، وشرعت تتحسس صدري..أتذكر؟
لم تنتظر إجابة منه على سؤالها - لا أدري لم استسلمت لك، لكنك واصلت وتماديت إلى أن غشيتني مكرهة!
صمتت للمرة الثانية، وشردت تستجمع فتات لحظاتٍ مضت.. - في الحقيقة لم أكن مكرهة، كل ما أذكره أنني كنت كالمغيبة إثر جرعة مخدر، ببنما أنت تعبث بجسدي وتهتك عذريتي..سألتني أمي لم لم تعد تأتي؟؛ أجبتها بهزةٍ من رأسي وتمطيط شفتي، لا لشيء إلا لأنني لم أكن أدرك حينها سبب امتناعك عن استكمال تدريسك لي، سألتك ولم أفهم أعذارك!
سكتت فجأة ونظرت إليه لتجده مطرقًا رأسه إلى الأرض؛ نهضت وارتدت ثيابها، ثم مدت يدها والتقطت محفظته الجلدية، وأخذت منها الخمسمائة جنيهًا المتفق عليها، وانصرفت.
الأديب محمد البنا