“دبلِة من خرز”

نشرت يوم 29.11.2023 خاطرة بعنوان “صفّرنا الدامون”… وخاب أملي.

زرت ظهر اليوم سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة ملاك رائد نعمان النتشة من الخليل (مواليد 25.06.2000)، خرّيجة هندسة طاقة تطبيقيّة، أطلّت بابتسامة قاهرة.

بعد التحيّة مباشرةً قرأت على مسامعها رسالة خطيبها أحمد (كانت القعدة الشرعيّة يوم 29.11.2023، كتب الكتاب يوم 06.12.2023 والحبسِة يوم 13.12.2023 (قطعوا الفرحة) فدمعت عيناها فرحاً وحدّثتني عنه كثيراً (طالب دكتوراه في الفقه)، عن الخطبة والتحضيرات للعرس وصوّرت لي بلهفة تطريزة والدتها بمناسبة كتب كتابها.
حدّثتني عن زميلات الزنزانة (أنغام، جنين، عرين، براءة، أميمة، تمارا، آية، نوال، حليمة، شهد) واحتفالهن بخطوبتها “البنات عملولي دبلِة من خرز”.

أخذت تصوّر لي وضع زميلات الأسر؛ 72 أسيرة، الاكتظاظ الكبير، الأكل أسوأ ما يمكن، فلفل حار كخضرة وحيدة، بقوليات (عدس بُنّي وأحمر) وحمص (حب وتدهين) مما يسبب مشاكل صحية، الغرف باردة جداً، البقّ ما زال يسيطر على فضاء الغرف، رطوبة بالغرف والدهان يتساقط من السقف، الشاي بدون سكر (السكر نوع من أنواع الرفاهية)، فتحة الغرفة مسكّرة ببلاستيك عازل، فصل تام الغرف عن بعضها، المرحبة خلال الفورة ممنوعة، الإهمال الطبي الصارخ سيّد الموقف، العلاج: اشربوا ميّة، والمياه ملوّثة مع صدأ وكلور، والكل صار معه قِشرِة في الشعر، الكاميرات على مدار الساعة في كلّ مكان، وما في خصوصيّة، 24 ساعة لابسات أواعي الصلاة خوفاً من التفتيش المفاجئ، فوط ومناشف حمام مفيش، ونقص حاد بالملابس الداخلية.

أوصلت لها رسالة العائلة، ورسائل لخالدة، بدرية، إخلاص، فاطمة، حليمة، براءة.

سمّعتني قصيدة لشهد، طلبت إيصال سلامات ورسائل لخطيبها أحمد وللعائلة فرداً فرداً، وأملت عليّ رسائل زميلاتها الأسيرات لأهاليهن؛ شهد، أميمة، أنغام، حليمة، تمارا، عرين، جنين، آية، نوال.

بعد مرور ساعتين قالت لي فجأة: “مش حابب تعرف شي عن الاعتقال”؟ حدّثتني بتفاصيل الاعتقال، ورحلة العذاب ودرب الآلام من جعفرة إلى عتنائيل إلى الشارون، وطقوس الاستقبال هناك؛ سجانون استقبلوها يتمسخرون بأغاني أعراس (إجت العروسة)، سجّانة تدخّن بوجهها، تفتيش مُهين جداً، “قعّدتني السجانة ع الأرض وبلّشت تضرب فيّ بإيديها وإجريها وتخبّط راسي بالحيط، كل ما بحاول أوقّف بتدفشني ع الأرض، رفضوا السماح لي بالحمام عشان أصلّي، “العقربة السودا” شلّخت الأواعي وسرقت الجلباب، قنينة ماء واحدة لثلاث صبايا معتقلات لثلاثة أيام، استعملنا الجرايد بدل المحارم، ولما انتبهوا أخذوها ولما وصلت الدامون أعطتني الصبايا أواعي، كل وحدة أعطتني قطعة ملابس وصرت “مرقّعَة”.

لك عزيزتي ملاك أحلى التحيّات، والحريّة لك ولجميع أسرى الحريّة.

المحامي حسن عبادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *