ما شهدته القضية الفلسطينية ومقاومتها الباسلة وماتعايشه من إرهاصات وعدوان غاشم يستهدف وجودها ويستدعي إعادة النظر والوقوف مطولًا أمام كل التحديات ما يجعلها تتحمل أعباء إضافية تضاف إلى قائمة التحديات التي تتولى المقاومة فيها زمام المبادرة أولها مسؤلية حماية الشعب الذي يتعرض للقهر والقتل والقصف والتهجير، تستهدف الوجود الفلسطيني ككل يتجلى بأبشع صور الإضطهاد في غزة التي تتعرض لأخطر حرب وجودية منذ إنشاء الكيان الصهيوني على أرض فلسطين التاريخية وحالة التباين في المواقف بين القيادة السياسية في الضفة والمقاومة في غزة التي انتهجت خيار الكفاح المسلح وقضيةالأسرى والقدس التي تشكل البوصلة التي تحدد مسار الصراع ومآلات الحرب.
الضفة الغربية التي بدت فيها ملامح انتفاضة جديدة تتفجر جراء الاحتقان الشعبي من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي وقطعان مستوطنيه على الرغم من كل المحاولات على إخماد الأصوات عبر سياسة القمع والإرهاب والاقتحامات لمخيمات الضفة الغربية وحالة التراخي لما يحدث في مناطق حكم السلطة والتنسيق الأمني والسلطة التي تغرد خارج السرب والحواجز المترامية الأطراف بين مدن وقرى الضفة
فكانت للمقاومة في الضفة مهمة إثقال كاهل المحتل وتشتيت قواته عبر العمليات المتكررة التي لم تتوقف على مدار ٦ شهور
لم تتمكن دولة الاحتلال رغم الدعم العسكري والسياسي الأمريكي اللامحدود من إحراز النصر أو إستعادة أو تغيير في ملف التفاوض بل زادت الطين بلة ..
فالكرة تتدحرج باتجاه نشوب حرب إقليمية بعد أن أذكت نارها حكومة نتنياهو المجرمة التي تجاوز كل الخطوط الحمر وحماقته وصلت لحد الاستهتار والعنجهية والغطرسة دعته للإعتداء على السفارة الإيرانية في سورية التي راح ضحيتها إستشهادقائد قوة القدس وعدد من كبار المسؤولين الإيرانيين فهذه الجريمة تضاف إلى سجل جرائم المحتل الحافل بانتهاك القوانين والأعراف الدولي الذي يعتبر نفسه فوق القانون كأنه إستطاع الانتصار على المقاومة وحقق أهدافه ليتنبه إلى الخطر الإيراني الذي طالما حمله مسؤولية تسليح ودعم المقاومة وخاصة بعد الصفعة التي تلقاها في السابع من أكتوبر
ليجد نفسه مجبرًا على الخروج من جنوب غزة بالتحديد حي الأمل منطقة الزنة التي تلقت قواته ضربة موجعة قتلت عشرات من جنوده، الأمر الذي عجل من إنسحاب قواته التي تكبدت خسائر كبيرة في الجنود والعتاد العسكري
ثم الرد الإيراني المزلزل الذي غير من قواعد اللعبة لتعود إيران كلاعب أساسي وأقليمي في المنطقة وخاصة كمية المسيرات والصواريخ التي أطلقتها على مطارات العدو وقواعد التجسس كرًد فعل على كل الغارات السابقة وعمليات الاغتيال ورافعة للمقاومة التي تشكل جبهة متقدمة في محور المقاومة.
إن سياسة القتل والسفح التي تتبعها اسرائيل من خلالها الاستهداف المباشر عبر الطيران أو الصواريخ الموجهة كصفحة طوتها الصواريخ الإيرانية بلا رجعة فضلًا عن المسيرات التي دكت حصون ومطارات المحتل
الذي عمد إلى إلحاق الأذى بالمواطنين الفلسطينيين إرضاء لليمين المتطرف الذي تغذى على دماء الأطفال والنساء منذ عام ١٩٤٨ الى اليوم هذا العدو الصهيوني ، تربى في كنف العصابات الصهيونية التي تحكم دولة الكيان العنصرية
فغريزة القتل والسفح متأصلة ومتجذرة لدى الحركة الصهيونية منذ قيامها واختيارها أرض فلسطين
نتياهو جاء من عائلة دموية، فوالده كان أحد قيادات الحركة الصهيونية طالما اختلف معها ليس لأنه أقل تطرف بل لأنه أكثر إجراماً وتطرفاً..
إن هذا الإجرام هو حبل المشنقة الذي سيلتف عنق نتنياهو في نهاية المطاف
لأن كل المتغيرات والأحداث تصب في مصلحة المقاومة على الرغم من القهر والحرمان والجوع والضغط إلا ان المحتل لايسمح للمقاومة بإلتقاط أنفاسها يحاول من خلال الحرب الطويلة تحديد إمكانات المقاومة وماتملكه من دفعات والسؤال الى أي وقت ستسمر في الصمود واستغلال المفاوضات القادمة لكنها تدير الحرب بحكمة تضرب في الوقت المناسب وحاضرة في الميدان عبر قذائف الهاون والصواريخ والعبوات والقنص،
فأراد الكشف عن ماتخبأة في جعبتها عن طريق إستفزازها باستهداف أبناء قيادتها للضغط عليها للقبول بالهدنة فاستشهد ثلاثة من أبناء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية واثنين من أحفاده فكانت المفاجأة بالرد بعد خمسة دقائق من جريمة الإغتيال التي دحضت كل الروايات عن خروج أبناء القيادات وترك الشعب يواجه مصيره لوحده فكان الرد بمثابة رسالة واضحة للشعب الفلسطيني للصمود والإلتفاق حول القيادة حين قال الحمد لله الذي شرفني بإستشهادهم
دماء أبنائي ليست أغلى من دماء شعبي ، في إشارة واضحة أن المقاومة وعلى رأسها الهرم السياسي يخوض معركة من أجل الأقصى وأن هذه المعركة ألغت فرضية البديل عن حماس فهذا يضاف إلى سجلها المقاوم المليء بالتضحيات فقدمت ثلة من قيادات من الصف الأول كالرنتيسي والمقادمة وأبوشنب وغيرهم لم تنتهي المقاومة ولم تضعف بل زاد من تأثيرها على الساحة الفلسطينية.
بإعتقادي أن نتنياهو خسر المعركة فهو يهرول إلى المفاوضات هذه المرة فالهدنة ليست في صالح المقاومة لأنه المنتصر في الميدان وهو الخاسر ولو استعرضنا نتائج الحرب الشمال مدينة أشباح بفعل ضربات المقاومة اللبنانية
والضفة على صفيح ساخن وغارق في رمال غزة والأسرى مصيرهم مجهول والجبهة الداخلية والمعارضة تضغط بإتجاه رحيل الحكومة والخلافات بين نتنياهو و بايدن التي تلاحقه صندوق الانتخابات مشاهد قتل الأطفال والدمار في غزة.
الرد الإيراني الذي سيضغط بإتجاه وقف الحرب وخاصة الحملة العسكرية في رفح
حالة الرعب والقلق التي يعيشها الكيان و التشتت على طول الجبهات المستقلة وقانون الطوارئ بعد عملية طوفان الأقصى والخسائر اقتصادية
وملف الفساد كلها تلاحق نتنياهو وحساباته الضيفة مهما كانت خياراته سيضطر إلى الرضوخ لشروط المقاومة والإنتحار السياسي بعد أن عايش الكيان أسوء اللحظات في ظل هذه الحكومة
والأيام القادمة حبلى بالمتغيرات التي ستلقي بظلالها على المنطقة ككل.
الكاتب والباحث محمود النادي