خرج مذعورا مذهولا من جحرهِ، بعد أن فقأ أحد عينه وأَبقاه بعين واحدة. رفض تصديق ما حل به ، أصحيح أن أحدا فقأ عينه ،أم اَنه أعور أصلا ويخفي عورته !!!
من يجرؤ على هجس وهمه ؟ من يجرؤ على كسر كبريائه وبعثرة نرجسيته؟ من يجرؤ على تذكيره بأصله الحقير الوضيع وبروايته المكذوبة ؟ من يجرؤ على ربطه من عنقه برسن ويجره كجرو صغير ذليل يعوي باحثا عن أمه ؟؟؟
يعوي ….يعوي…….. يعوي .
يعوي عواءً جارحاً …..فاضحاً……مالحاً، كي يوصل عوائه الى بلاعة امه .
أمه في الأَصل لا أكثر من راعية بقر .
حالما وصلها عويله ، بكتهُ مرثيةً مُرَةً لاهوتية ، بكتهُ اسطورةً وهميةً خاسئةً خاسرة ، شقت صدرها وأطلقت من شرها ناراً ، دماً، قاراً، وقبحاً .
وقفت ببدانتها المعهودة المُقززة، بشعرها الأَشعث الأَغبر ، رائحتها نتنة تزكم الأخلاق قبل الأُنوف ، أَطماعها تثير الغثيان في النفوس .
انبرت بحوافرها تتراقص، وبذيولها المتحضرة الجديدة القديمة تترافص ، الذيل الرجعي الأصفر، وذيل محاكم التفتيش الأبيض.
بجوقتها وعجرفتها المعهودة، انقضت على طفلة يتيمة بريئة جائعة ، عارية من العنصرية، البغض، الحقد، الشر، والموت ، جالسة في انتظار، بعد ان نسيها أهلها على شاطئ المتوسط، تسرح ظفائرها سنابل عزة ، وتغزل بمغزل والدتها رداءً من ورد أَحمر، بدل ثوبها الذي اختطفته منها يوما ما، راعية البقر وأخواتها . حاولت العجوز الشمطاء تجريد الطفلة من شاطئها ومن مغزلها .
فجأة ظهر حافي القدمين خارجا من رحم أُمهِ الأَرض، حاملاً شجاعةً وعزة تكفي كل العرب الرحل لقرون ، بيده لجام قوي طوله حدود المشرقين والمغربين، احدى قدميه ثابتة قرب الأَقصى، والثانية فوق سد مأرب، ممسكاً بيدهِ خشمَ راعية البقر وأخواتها ولقيطها …….
الكاتب و الروائي فوزي نجاجرة