لقد استطاع قلبك أن يتجاوز كلّ الأحزان بالكتابة، فلم تتكىء على الألم المهزوم، ولم تتبع اللّيل العاصف إلّا بالفكرة الطّازجة حتّى الصّبحَ المنجلي..
لقد عقدت النّية على ألّا تترك الكتابة في الهزيع الأخير من اللّيل، ولتفعل الأحزان كلّ ما لديها، وأسوأ ما لديها!
فحين تمسك القلم، تتساقط المواجع!
وكلّ الخسارات تصبح خفيفةً حين يُكتب عنها!
لقد كتبت لأرق الكائنات شكلًا ومضمونًا، حملت الجبل والبحر، واللّيل والنّهار، والغراب واليمامة بقصصك ووضعتَهم في حضن طفلٍ ليرتبط قلبُه بالطّبيعة مثلُك..
فالطّبيعة تدرّبه على إدراك ذاته والمكان
والطّبيعة تشرح له ببطءٍ قوانين الزّمان..
لقد كتبت للهويّة التي اجتمع فيها الهمُّ الفلسطينيُّ والوعودُ الكاذبة، واليافطاتُ المؤطّرةُ بالحريّة، والتّحريرُ المؤجل!
..
..
بعض الشّعوب يتفاخرون بأكلاتهم وبأماكنهم الأثريّة،
وآخرون يتباهون بمنازلهم وبأموالهم،
وبعضهم بقوّة أجسامهم، ويتألّق البعض بأثوابهم،
أمّا نحن الفلسطيّنيون المثقّفون نتباهى بثروتك الأدبيّة!
علمتنا أنّ المبدأ مبدأ حياة،
مهما عصفت الحروبُ ووجهاتُ النّظر بذاكرتنا
علمتنا أنّ نثق بالقلم، كما لم نثق بأحد
علمتنا أنّ الكتابة هي الثّرثرة الأنيقة لمشاعرنا ولمواجعنا
علمتنا أنّه باستطاعتنا دومًا ترتيبُ المشهد
شكرًا.. شكرًا لأنّك علمتنا أن نبقى أطفالًا مهما كبرنا!
الشاعرة قمر عبدالرحمن