فوران
-هل رأيت سلمى الفترة الماضية؟
- نعم حبيبتي، نسيت أن أخبرك، لجأت لمكتب المحاماة الخاص بي لأقاضي أعمام أولادها من أجل نفقة وخلافه،
- لمٓ لم تخبرني؟
- بالطبع كنت سأخبرك ولكن انستني مشاغل وضغوط العمل،
- يبدو أنها لم تغير عطرها الوردي، انتبه… احترقت قهوتك.
صلاح نبيل / القاهرة في ١٠ نوفمبر ٢٠٢٤
القراءة
__
- سألني أحد الأدباء – منذ عشر سنوات ونيف- هل يجوز الحوار في القصة القصيرة جدًا؟.. أجبته ” نعم يجوز “، ثم كتبت ققج * دم بارد* ونشرتها وقتئذ تأكيدً لإجابتي على سؤاله، واليوم وبعد هذه السنوات الطويلة؛ فاجأني الأديب الدكتور / صلاح نبيل بنشره قصة قصيرة جدًا* فوران * متنها بكامله حوار فقط! دون حرف آخر أو كلمة أو جملة سردية!
- فوران…عنوان مبهم لكنه لافت وجاذب، لما حواه من حركة رأسية متصاعدة بلا توقف.
- سلمى؛ محور الحدث، فمن هي سلمي ؟..لو تفحصنا المتن لن نجد لها تعريفًا مباشرًا، ولكن سنفهم كل شيء عن سلمي عبر قراءتنا لحوارية موجزة، لكنها مكتنزة
- سلمي ( أعمام أولادها من أجل نفقة وخلافه،) أرملة
- سلمي(هل رأيت سلمى الفترة الماضية؟) امرأة معروفة لطرفي الحوار
_ سلمى ( لم تغير عطرها الوردي،) صديقة للعائلة - وماذا عن طرفي الحوار ؟
- الزوجة، ( هل رأيت سلمى الفترة الماضية؟), تقصّي.. المشهد المتخيل ( سؤال حرصت السائلة أن يبدو عابرا، فبدت وكأنه منشغلة بشيء ما آخر.
- الزوج (نعم حبيبتي، نسيت أن أخبرك) تغطية..المشهد المتخيل ( الزوج يجيب ويحاول أن يظهر لا مبالاة بالمسؤول عنه، وتلطفًا وود للسائلة.
- الزوجة ( لم لم تخبرني ؟) ارتياب وتضييق خناق… المشهد المتخيل ( اقتراب وتثبيت النظرة الفاحصة إلى حدقتي عينا الزوج)
- الزوج (كنت سأخبرك ولكن انستني مشاغل وضغوط العمل،) ارتباك ومحاولة هروب// المشهد المتخيل ( استدارة وتصنع انشغال بطهي القهوة)
- الزوجة (لم تغير عطرها الوردي، انتبه… احترقت قهوتك.)..تمكن وتأكيد دون مواجهة مباشرة تلافيا لصدام…المشهد ( اقتراب اكثر، اشتمام بقايا عطر، ثم التفاتة إلى قهوة تفور، فتحذير مزدوج – ظاهره مادي؛ انتبه وأنقذ قهوتك، وباطنه؛ انتبه بفعلتك هذه – الخيانة – ستفقد زوجتك ).
- هكذا رأيت المشهدية الحوارية الناطقة؛ أوحت بها لي التراتبية السردية المتقنة، والمتماهية تماهيًا مدهشًا مع مواقف حياتية دائمة الحدوث، إن لم تكن لمعظمنا، فهى لكثيرٍ منا وإن أنكرنا!.
- بناء الشخصيات
من أجود العناصر في نجاح هذا النص، هو البنية الأساسية لشخوصه؛ الزوجة المرتابة، الزوج اللعوب، الصديقة الغائب الحاضر.
إذ بدت الشخصيات نماذج متقنةللمثلث الأشهر أنسانيًا ( الزوج / الزوجة / العشيقة).
- التسلسل التصاعدي للحدث ( ارتياب، ارتباك، تضييق، هروب، تيقن، تحذير).
- صناعة الدهشة
إن لم يصنعها المتن وعنوانه فلا دهشة؛ إذ يقحمها الكاتب قسرًا في نهاية السردية، وإن صنعها المتن وعنوانه فهى الدهشة، وهذا المتن وعنوانه صنعاها معًا.
- المعادل الموضوعي
القهوة وفورانها معادلٌ موضوعيٌ للزوجة وارتيابها.
مباركٌ لك هذا الإبداع يا دكتور.
الأديب محمد البنا