واجه الطفل فارس عودة في انتفاضة الأقصى ٢٨ / ٩ / ٢٠٠٠ الدبابة الإسرائيلية بحجر فعد بطلا وصار أيقونة للطفل الفلسطيني الرافض للاحتلال .
د.حسام أبو صفية لم يقذف الدبابة بحجر أو بحصوة . ظل على رأس عمله في مشفى كمال عدوان حتى اللحظة الأخيرة . كان يقوم بعمل إنساني هو معالجة المرضى والجرحى لا أكثر ولا أقل . ارتقى ابنه في المشفى فأبنه وحزن على فقدانه وواصل عمله طبيبا . لم يحمل السلاح ليثأر أو ينتقم أو.
هدم جيش الاحتلال الإسرائيلي المشافي كما هدم الجامعات والمساجد والبيوت والمصانع والمحلات التجارية ، وترك قطاع غزة مدمرا لا تصلح الحياة فيه . إنجاز ما بعده إنجاز ، وكل ما يقوم به جيش شعب الله المختار هو إنجاز وبأوامر ربانية ، فالله طلب من شعبه أن يقتل العماليق .
ذهب الطبيب أبو صفية مشيا على الأقدام صوب الدبابة مرتديا مريوله الأبيض غير هياب ، فماذا سيفعل الإسرائيليون أكثر ؟ ذهب منتصب القامة ودمار المباني باد للعيان ، فلم يبق شيء يؤسف عليه .
سيكتب التاريخ – ان لم يتم تزوير الكتابة واستبدال الرواية بأخرى – سيكتب التاريخ أن الجنود المدججين بالأسلحة ظلوا في دباباتهم ينتظرون الطبيب ليأتي إليهم وليعلنوا انتصارهم ، ويجوز للشاعر أن يهنيء الجلاد منتصرا على عين كحيلة . يجوز له أن يهنئه بانتصاره على أطفال حديثي الولادة ماتوا من البرد ، وعلى أمهات ارتقين وهن يحضرن كيس طحين ليعجنوا ، فقد مرت أشهر ثلاثة لم يحصلوا فيها على كيس طحين .
ابنة غزة مريم قوش كتبت اليوم فقرة عن زغاريد نسوة غزة لمناسبة لم يكن يزغردن فيها : الحصول على كيس الطحين .
زغردت الفلسطينية في مناسبات الزواج والنجاح وبناء المنازل وعودة الابن الغائب من السفر وفي مناسبة العودة من بلاد الحجاز بعد تأدية فريضة الحج والآن !؟
الآن تزغرد الفلسطينية لحصولها على كيس طحين ، كما غنى الشاب أحمد ابو العنين ذات يوم لحصوله على جرة غاز .
- كيف سينظر الإسرائيلي لنفسه وهو يحقق مع طبيب ؟
على فكرة فإن أكثر الأطباء في المشافي الإسرائيلية الآن هم من فلسطينيي الأرض المحتلة في العام ١٩٤٨ .
هل سننتظر شاعرا إسرائيليا ، مثل الشاعر اليهودي ( إريك فريد ) ، ليخاطب شعبه : - اسمع يا شعب إسرائيل ! هل نحن حقا أحفاد ضحايا الهولوكست ؟
وهل سيتبرأ هذا الشاعر من أفعال جيشه كما تبرأ منها إريك فريد ؟
المجد للدكتور حسام أبو صفية والرحمة لأطفال غزة الذين ارتقوا والعار للصامتين المتخاذلين في هذا العالم الأصم الأبكم الأعمى .
أ. د. عادل الأسطة