قرارات حكومية لوقف نزيف المستوطنين وردع الهجرة العكسية للكاتب والباحث محمود النادي

نتج عن عملية السابع من أكتوبر والحرب الدائرة منذ 11 شهر، شرخ كبير بين المستوى السياسي والعسكري والمستوطنين الذين استمروا في الزيادة والتدفق بالعقود الماضية، انطلاقًا من مفهوم الردع وقدرة الكيان على تحييد أي خطر قادم من دول الطوق وأي دولة بالشرق الأوسط، كون إسرائيل القوة النووية الوحيدة بالشرق الأوسط والمنتصرة في معظم المعارك السابقة ضد كل الجيوش العربية.

لكن السابع من أكتوبر خلق واقعًا جديدًا، مزق كل الروايات والتصورات، ودفع 500 ألف مستوطن لمغادرة إسرائيل في الستة أشهر الأولى للحرب، بالتزامن مع خسارة اليد العاملة المشاركة بجيش الاحتياط، مما رفع العجز بالميزانية ليبلغ 8 بالمئة من الناتج الإجمالي.

فعلل نفتالي بينيت هذه الهجرة كون البلاد تمر بظروف استثنائية وضبابية، تجعل المستوطنين من كل الفئات يفكرون في الرحيل النهائي من دولة الكيان، تاركين خلفهم كل شيء.

شعرت الحكومة بخطورة هذه الظاهرة، وحاولت التحرك لمواجهة هذه الموجات. فراحت الحكومة تطلق برامج جديدة لاستمالة مهاجرين جدد من فئات مختلفة. فالعدو يشجع المهاجرين الجدد من خلال تقديم تسهيلات لأصحاب الخبرة في المجال الصحي، من خلال تقديم رواتب مغرية، ووعد المهاجرين الجدد بأنهم سيكونون فاعلين في المجتمع، وسيتجلى ذلك من خلال توظيف نسبة تصل إلى 3 بالمئة منهم بحلول العام 2030.

أما المستثمرون أو من يودون شراء منزل لأول مرة، فسيُعفون من الضريبة في حال كان سعره أقل من مليوني شيكل، بينما سيتقاضون رواتب شهرية تصل في أحسن الحالات إلى 2000 شيكل شهريًا لمدة عامين، إذا وافقوا على العيش في المناطق الساخنة في غلاف غزة أو المنطقة الشمالية على الحدود مع لبنان والتي شهدت نزوح الكثير منها وباتت تعد مدن أشباح يرفض معظم سكانها من المستوطنين العودة اليها.

كما للشباب نصيب أيضًا في المكافآت المالية. فلمن يود الدراسة في إسرائيل، مكافآت مالية تصل إلى 1500 شيكل، في محاولة لإعادة الحيوية لمناطق الكيان وتحسين صورة إسرائيل التي تضررت كثيرًا بسبب حرب الإبادة في غزة. وقد نال القطاع التعليمي أيضًا نصيبه من هذه العزلة والمقاطعة ، حيث سحبت الكثير من الجامعات شراكتها مع جامعات الكيان، بعضها في الولايات المتحدة الحليف الأول لإسرائيل. كما أن تحسين الصورة هنا مقصود به تحسينها لدى الفئات الشابة التي ثارت على بلدانها لتتوقف عن دعم الكيان، والتي أظهرت وعيًا كبيرًا بالقضية الفلسطينية وهزمت اللوبي الصهيوني في معركة الكلمة.

رغم كل هذه التعديلات، لا يبدو أن النزيف سيقف. ففتح جبهة في الضفة وتزايد العمليات العسكرية النوعية في المستوطنات يظهر أن هذه التغييرات ستعطي مؤشرًا إيجابيًا أني سيندثر في وجه أي حدث يعزز الرعب في قلوب المستوطنين المتعبين نفسيًا من الانتظار تارة ومن الحرب وشبح الموت تارة أخرى.

الكاتب والباحث محمود النادي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *