قصة قصيرة( طفولة مسروقة ) من رواية الحب زمن الحرب للكاتبة الإعلامية يارا فريج


هو الصباح الأسود الأحمر ! .
أسود كحقدهم وأحمر كدماء طاهرة روت عطش تراب طاهر مثلها ،
الحي المجاور للحي الذي تسكنه ناي استيقظ على بصمات النار ومخالب القصف العشوائي .
كان هدوء الحي مرعباً هكذا النار فور اشتعالها تملأ المكان بالصخب وبعد إخمادها تعود للهدوء المميت ، لم يكن ثمة الكثير أو لعل الجميع كان ينظر بالاتجاه ذاته ونحو الرجل ذاته ! .
رجل يعانق رأس طفله المفصول عن جسده الصغير ، انفصال الرأس عن الجسد تجسيد حقيقي لانفصال روح والده عن جسده ! .
الرجل ومصيبته وقلة من عناصر الهلال الأحمر ، كانت ناي تتأمل الكرة الملطخة بالدماء وتقرأ في سطور الأحمر الحكاية .
الحكاية الواضحة لكل من كان ورأى بأم عينه ما حدث ، قبل ساعة واحدة وقبل أن يختاره الموت كان يلعب بتلك الكرة وصوت ضحكاته قد ملأ المدى لحظة وقوع قدره ما من صوت سُمع ما عدا صوت رأسه الذي هوى أرضاً .
يقول والده لتلك المذيعة أن والدة وسام أقفلت باب المنزل وخبأت المفتاح قبل نومها كي لا يخرج وسام كعادته للحي .
حدس الأم لا يخيب كانت تحميه من قدره دون أن تدري لكن القدر أقوى من الأم وما فعلته لتحمي طفلها ، القدر الذي جعل وسام يعثر على المفتاح ويركض خلق قدره ضاحكاً
من سيرث طفلاً لا يملك إلا كرة خط ببراءة عليها ( هذه لي ) كتب اسمه عليها خوفاً من ضياعها وخلف اسمه رسم القدر اسمه بخط آخر هذه الكرة كانت قدره الأخير.
هذه الكرة لك يا طفلي هذه آخر ما تبقى من طفولة سرقوها منك عنوة
ولا أحد سيرثك يا طفلي ولا أحد بعد اليوم سيقترب من كرتك وما من أحد سيعاود سرقتها كما كان يحدث في السابق ، ما دفعك لكتابة اسمك عليها بالخط العريض لتجدها في حال ضياعها ، بعد اليوم لا أحد سيقترب منها يا وسام ، يا لغرابة القدر هذا الطفل البريء ظل يعاني سنوات من فقده كل كرة يقتنيها حتى كتب اسمه عليها لم يتمكن من حماية كرته وهو على قيد الحياة ، كرته التي كانت في نظره ثروته الوحيدة لكن موته كان كفيلاً لحماية الكرة !
لا أحد سيقترب منها بعد اليوم فالجميع يخشى أن يحل نحس تلك الكرة به فهذه الكرة هي المجرم الوحيد في مدن يتسلل لها الإجرام من كل ناحية ! .
الأم كانت غائبة عن المشهد كانت تقبع مع قدر آخر في سيارة إسعاف حملتها لقدر جديد
انحنى الرجل عند رأس طفله يبكي قدره وقدر طفله
قدر زوجته قدر وطن قُطع فيه العدل والرحمة قبل الرؤوس !.
آمنت يوماً أن السوري يموت واقفاً كما الشجر فلماذا ذلك الطفل البريء مات راكضاً خلف كرة ؟!
يركض لقدره الأخير دون أن يدري .
لحظات وبات الحي منفى حتى ذلك الرجل ومصيبته قد رحلوا .
لم يتبق شيء إلا كرة تبكي غياب صاحبها انتهى المشهد بألف خيبة .

الكاتبة الإعلامية يارا فريج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *