نحن نجهشُ بالزّغاريد وننثرُ ورْدَنا فوقَ الجباه العالياتْ.
أمّهاتْ.
هات من عندك يا إله الكون صبرا لقلوب الأمّهات.
هاتِ من عندك …هات.
نحن أجرينا الدمَ القاني بشريان الحياة
واستعدْنا ملحَنا المسروقَ من دمعِ العيونِ الباقياتْ.
نحن أرْهفُ ما نكونُ إذا بكيْنا
نحن أشعرُ ما نكونُ إذا حزنّا
نحن أطولُ ما نكون إذا سمعْنا ألسُنَ العشّاق تُنشدُ أغنيات
نحنُ… نحنُ الأمّهاتْ
نستميحُ الحزْنَ عذْرا حينَ نلهج ـ مُؤمناتٍ ـ بالصّلاةْ.
حينَ نفرحُ في مقام المُحزناتْ.
وحينَ نربطُ عَصْبةً فوق الجباه القانياتْ
وحينَ نجمعُ ما تبقّى من خيوط الذّكرياتْ.
نحن نجهشُ بالزغاريد وننثرُ وردَنا فوقَ الجباه العالياتْ.
أمّهاتْ.
هات من عندك يا إله الكون صبرا لقلوب الأمّهات
مُزنَ صبرٍ..مُزنَ صبرٍ هاطلات.
ضاقت الدّنيا ولكن في رحاب قلوبنا اتّسعت
فهاتِ من عندك …هات.
نحنُ.. نحنُ الأمّهات
نستميحُ الحزن عذرا حين تخضرّ المعاني في عروق المُفردات
وحين نحمل فلذة أخرى على الأكتاف نحو الله ..نفرُشُ أرضَنا مُهَجاً
ونُعلي صوتنا.. رغمَ كلّ الموبقاتْ
أمّهاتْ:
كيف أنجَبْنا وربّينا وأنشأنا رجالا ً….؟؟
كيف فيّأنا الحياةَ فأزهَرَت في القيظِ
في عزّ السنينِ المُمْحلاتْ؟
كيفَ أسْكنّا القلوبَ بهدأة الليل وروّضنا المواجعَ واحتَملنا ما احتملنا ..كيفْ؟!!
تلك حكايةٌ أخرى تُضاف إلى جَميل الأمّهاتْ.
في ليالي الفقد نرخي للدقائق أن تقيم على تخوم جراحنا
أن تُعدّ الجرحَ للجرح الذي يأتي،
وأن ترتاح من عدّ الجراج اذا خمدنا … وحمدنا… واستعذنا …. واستعدنا بأسَنا،
وحملنا للحياة بنادقاً أخرى وعُدّة فوهات…..
أمهات…نحمل الدنيا على أجفاننا،
ونخبئ الحب القديم
نخاف أن نصحو وترفضَّ الجهاتْ
نخاف أن تذوي أصابعَنا ونحن نقلّبُ الرملَ الحزينْ باحثين عن الرجال الغائبينَ
بلا صلاة أو وداع بعد قصف الطائرات
نجمع الأشلاءَ.. لحمَ صغارنا… أظفارَهم…أقدامهم…تسريحة الشعرِ الجميلِ
وضحكة كم جلجلتْ..كم زمجرتْ…كم سجّلت … في سجل المكرُمات.
في ليالي الفقد نرخي للدقائق أن توزّعَنا على أوجاعها
نُمسّدُ الجدران حين تعوزها كتفٌ .. وتعروها مشاعرُ راقياتْ
نتركُ الأسماءَ في الرّدهاتِ نحملُ بيرقاً للمجد عُنونَ (أمّهات الشّهداء)..
أمهاتٌ وارفاتٌ عالياتٌ راكعاتٌ ساجداتٌ عاشقاتٌ مؤمناتٌ…أمهات ماجدات.
ليس تعنينا الفصائلُ ..لا الشّعاراتُ فقد…وثّق التاريخ بالدّم أننا (أمّهات
الشهداء).
الشاعر حسين نزال