قوارب الموت قصة قصيرة للكاتب عبدالإله ماهل

انتصب واقفا بربوة على جبل، يتطلع برأسه إلى الضفة الأخرى، ويمني النفس بغد أفضل؛ ينسيه مغبة عمر ضاع سدى بين شواهد تحصل عليها، وعطالة يتجرع مرارتها في صمت.


… فرضت عليه عنوة، تبقيه ما حيا رهينة بين جدران شائكة -وأرض الله واسعة – وجها لعملة رخيصة تتأرجح فيها كفة العرض عن الطلب؛ وكأن سوق النخاسة استوحش المكان وأهل المكان وأعاد الكرة من جديد.
استهواه ما وراء البحر، واستهام نشوان حالما؛ يستحضر من غياهب الماضي البعيد تاريخا، كان للعربان فيه اليد العليا على شعوب، كانت هناك ترخز تحت وطأة الجهل والتخلف.


صالوا وجالوا قرابة ما ينيف عن خمسة قرون إلا أن الرياح لا تجري بما تشتهي السفن، وكما جاء على لسان شاعرهم أبو البقاء الرندي “لكل شيء إذا ما تم نقصان…”
إذ سرعان ما غرهم بالله الغرور، ونسوا أنفسهم بين لهو وفساد وصراع على سلطة وتسلط وملك واهن كبيت العنكبوت، فكانت العاقبة سقوط حضارة بكاملها، انهارت على رؤوسهم كأوراق الخريف بين تقتيل وتطهير؛ اللهم من خرج هاربا بجلده خارج الأوطان.


ساعتها تمنى لو عقارب الساعة رجعت إلى الوراء لصاح على جده وأجداده بأعلى الأصوات “إياكم والخروج من تلكم الديار ولو على حساب دينكم”.
وفي غفلة من أمره، استفاق من ذلك الحلم على أصفاد وضعت بمعصم يديه لا لشيء؛ إلا على خلفية مجرد حلم راوده ليس إلا.

الكاتب عبدالإله ماهل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *