كتاب لافت أثار اهتمامي

الكتاب بعنوان : الأمة العربية بين نظرية المؤامرة وحالة النهوض ) لمؤلفه الأستاذ الأديب والباحث : محمد خالد عمر , صادر عن دار الرّواد ببيروت , موزّع الكتاب في سورية دار النمير في دمشق . الكتاب يقع في 236 صفحة من القطع الكبير .


يبحث الكتاب عن أجوبة لأسئلة أنتشها الزمان الرخو الذي يعيش فيه إنساننا العربي اليوم . ولعل أهم هذه الأسئلة تلك التي تبدأ من سؤال الوجود .
_ هل العرب أمّة واحدة ؟
هل من شروط حياة الأمة أن تكون الأمة في دولة ؟ لماذا كلّ هذه الأخطار والحملات التي واجهتها أو تعرّضت لها عبر مسيرتها التاريخية ؟
ثم لماذا تنادت الشراذم من كل أصقاع الأرض لتستوطن قلبها وتسلب لبّها ؟ هل كانت كل هذه الأخطار نتيجة مؤامرة دولية شاملة ؟
_وإذا كانت الأخطار نتيجة مؤامرة دولية شاملة فمتى وجدت نظرية المؤامرة , وما إماراتها ومن يخدم ترسيخها في أذهان الأمة ؟ وأين هي المشاريع النهضوية التي كانت واعدة ؟ والأهمّ من كل ذلك ماذا أعددنا لأمة ممثّلة بنخبها السياسية والثقافية وحتى الدينية والمجتمعية في مواجهة المؤامرة. ثم ما المطلوب من العرب اليوم وما نقاط القوّة ومرتكزات الممانعة والآليات التي ينبغي أن تتبعها الأمة لبناء مشروعها على عمودي العروبة والإسلام ؟
كل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى يحاول الكتاب الإجابة عنها من خلال البحث في تاريخ تكوين الأمة وصياغة مشروع عربي نهضوي , فضلاً عن البحث في تكوين المشروع مشروع اليهودية التي جعل منها الأم الشرعية للصهيونية
وبناء المشروع الصهيوني الممثل للحربة الرئيسية للمؤامرة على العروبة , بينما هو في مرتكزاته السياسية يقود مؤامرة دولية على المشروع الإنساني من خلال مؤامرته على الأديان وذلك بتبرئة اليهودية من كونها أداة من أدوات التخريب بالعمل حثيثاً للتفريق بين اليهودية والصهيونية وتطابق مشروعهما مع الهدف المصنّع في مخابرهم للمسيحيين الجدد
المشروع الصهيوني يلتزم بالعمل على تقوية مقومات نجاحه إدارياً واقتصادياً وسياسياً وعلمياً للوصول إلى بناء قوة عسكرية للتوسع على حساب دماء الناس وكرامتهم . بينما يرى الكاتب أنّ المشروع العربي النهضوي الذي كان يبشّر بوعي متكامل لجيل العروبة يمكن أن يعيد بناء الأمة على أسس متينة , أخفق لأسباب خارجية تآمرية وأسباب داخلية فبعد أن انقسم المشروع إلى مشاريع قومية ومشاريع سياسية غير قومية وبعدت الشقة فيما بينها حتى وصلت إلى نقطة الاصطدام وقد بدت ظاهرة واضحة في مواجهة الإسلاميين القوميين في كل من مصر وسورية , ومواجهة المشروع الشيوعي/ القوميين في العراق/. ومن ثم ينتقل الكاتب ليؤكد على مشروعية الفعل المقاوم بعد أن يبين سمات المقاومة
بين فطرية المنشأ وفي مواجهة العدو الخارجي وهي كلية يشارك فيها الجميع وشمولية تشمل جغرافيا الأمة كلها كما أنها فعل دفاعي بالضرورة أمّا مشروعيتها دينياً فمرتكزة على القرآن والسنّة النبوية الشريفة والتشريع الفقهي , ومشروعة وطنياً وقانونياً ضمنها القانون الدولي .
أما سبيل المقاومة فتنبع من كونها كليّة , وأن المواجهة الحربية شكل من اشكالها وأنها هكذا تتطلب إعداد المقاوم فكرياً وسياسياً ؛ من خلال مشروع عربي نهضوي حديث ، يرتكزعلى توحيد التيارين القومي والإسلامي ،أي يقوم على عمودي : العروبة والإسلام ، ويضع آلية تطبيق ذلك بما يضمن الحفاظ على الهوية واعتماد العقيدة كقوة دافعة حقيقية ، ومن ثم تأسيس حالة نهوض واعية تستفيد من كل عوامل نهضة المجتمع .
كتاب جدير بالمطالعة , وهو إضافة ثقافية ومعرفية غاية في الأهمية .

الأديب طاهر الهاشمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *