كيف جاءت الإجابة عن هذا السؤال: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء)؟

جاءت الإجابة عن سؤال الملائكة في الآية التالية مباشرة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)

فعبارة (علم آدم) تشير إلى أنَّ آدم مخلوق لديه القدرة على التعلم، فهو مختلف عن سائر المخلوقات، والله سيعلمه الشرائع وعندما يتعلم فإنه سيتجاوز قضية الإفساد وسفك الدماء، فهو مخلوق فيه قابلية التطور وتغيير السلوك؛ لأنه يمتلك آلة العقل.

ولكي يثبت الله عز وجل صفة التعلم لآدم اختبر آدم أمام الملائكة، فعلم آدم الأسماء كلها، وقال للملائكة: (أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء) فلم يستطيعوا، فقالوا (…سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)

ثم قال الله لآدم: (…أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ).

وبذلك ثبَتَ للملائكة أنَّ آدم مخلوق مختلف عن سائر المخلوقات، واختلافه في كونه يتعلم فيتطورُ سلوكُه نحو الأفضل، وبهذه الميزة سيتجاوز آدم وذريته قضية الإفساد في الأرض وسفك الدماء.

ولهذه الميزة التي امتاز بها آدم استحق أن تسجد له الملائكة، فجاءت الآية التالية مباشرة: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ)

ونفهم من ذلك كله أنَّ البشر –أبناء آدم- لن تستطيعوا أن يتجاوزا قضية الإفساد وسفك الدماء إلا إذا تعلموا العلم الذي أنزله الله لبني آدم وعملوا به بالتزام أمره ونهيه وشريعته.

وإذا فعلوا ذلك فسيكونون في منزلة أعلى عند الله من الملائكة، بدليل سجود الملائكة لآدم حينما تعلَّم ما علمه الله.

د. شادي الغول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *