لم تخني قط ( المركز الرابع)

كانت أعلم بي من نفسي، كلما أهمني أمر، أو أقض مضجعي فكر، أُهرِع إليها، وفى أحضانها أرشف الراحة والسعادة .. لامني البعض مستنكرا: لماذا أوقفت نفسك على هذه السمراء، دون البيض والشقراوات وهن كثيرات؟!
فكنت أقول لهم: أنا لا أنقض عهدا .. منحتني الكثير وحفزت رأسي على التفكير، وحسن التدبير. رموني بالجنون، وقالوا لى: تبا لك! ثب إلى رشدك، ألا ترى؟
أرى ماذا؟
إن من تعشقها، وتتغني بإخلاصها، ترتمي فى أحضان كل من يشتهيها!
لا! مستحيل، أنتم تكذبون، بل أنتم حاقدون ناقمون! فدسوا فى يدي ورقة وتركوني في مكاني، لا أدري كم من الوقت مر عليَّ، وفي رأسي مليون سؤال وسؤال: ما بال هؤلاء القوم؟ من أين جاءوا؟ وماذا قالوا؟
عدت إلى البيت أجرجر قدميَّ، أحارب وأقاوم كل منطق، قد يزرع الشك فى نفسي، أعددت لنفسي كوباية شاي، وجلست أديم أنظر إليها، ثم قربتها من أنفي فأنتشيت بعبيرها، ثم نهلت من شهد رضابها، وانتظرت حتى سرى مفعولها السحري فى كل أوصالي، فتمطيت وتثاءبت وقلت لنفسي: إنهم كاذبون، لم تخُني قط، وألقيت بالورقة فى صندوق القمامة

الكاتب أبو السعود السباعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *