هو ممر أقامه الجيش الإسرائيلي في مدينة غزة بعد العدوان الإسرائيلي على القطاع، من جحر الديك وحتى البيدر من شرق القطاع. يمتد على طريق 794 لمسافة تزيد على 6 كيلومترات بين المسافة الفاصلة بين غزة ومايسمى غلاف غزة ليصل غرباً إلى الساحل حيث يتواجد الرصيف المائي العائم أو ما بات يعرف بميناء بايدن.
إن هذا الموقع يعتبر أحد أبرز نقاط التفاوض بين المقاومة والكيان الصهيوني، فهو يحدد شكل الصراع الفلسطيني الصهيوني بعد انتهاء هذه الحرب الظالمة ومن ينتصر فيه سيحصل على مكسب تفاوضي ذو ثقل وستكون له الغلبة. إن هذا الموقع أحد أهم الأهداف السياسية التي يعول عليها نتنياهو لتحقيق أهداف الحرب التي لم يستطع أن يحسم لصالحه على مدار أكثر من 8 شهور .
فهو قاعدة متقدمة أو جبهة إسناد مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالرصيف البحري على ساحل غزة لوأد أي محاولة لشن عمليات على مايسمى غلاف غزة ضمان إسرائيل لحماية مغتصباتها كما أنه سيمكن القوات الاسرائيلية من التوغل نحو عمق القطاع بأقصر مدة ممكنة.
إن هذا الموقع العسكري هو من البنود الهامة في مقترح الوسطاء لاتكاد تخلو ورقة تفاوض من وجود بند الانسحاب الكامل من المحور ضمن مايسمى بالمرحلة الأولى وهذا يظهر تفطن المقاومة
لمكائد الاحتلال ويتجلى ذلك من الاستهداف المتكرر للمحور بصواريخ رجوم وبطاريات الهاون.
إن ملف الانسحاب من هذا الموقع يحدد ملامح الصراع بالمنطقة بأسرها فإما يتم وقف إطلاق النار وفق ماطرحته المقاومة، أو أن القتال سيبقى مستمر والمقاومة أبدت استعدادها لهذا السيناريو والمنطقة برمتها تكون على حافة الهاوية إذ أن المقاومة ترفض أي اتفاق لايتضمن الانسحاب من موقع نتساريم.
لو استعرضنا أهمية هذا الموقع، هذا الممر يتحكم بخطوط الإمداد العسكري واللوجستي للقطاع غزة، فهو يساعد الاحتلال بالتزود بالمعدات والأسلحة عبر الرصيف المزمع بناءه على ساحل غزة تحت عنوان المساعدات الإنسانية، كما أنه يتحكم بدخول المساعدات الى غزة ووتيرتها لإبقاء أي بديل مستقبلي للمقاومة تحت رحمتها خصوصا مع اغلاق المعابر.
كما أن نتنياهو يسعى لتسويق المحور داخليا على أنه انتصار استراتيجي له بعد هذه الحرب متمثلا برفضه الانسحاب منه وتنفيذه لمشروع تجزئة القطاع ضمانا لعدم تكرار ماحدث في أكتوبر 2023.
فهو يشرف على قطاع غزة كاملاً ويقطع شماله عن جنوبه، يضمن لإسرائيل عدم عودة النازحين إلى شمال غزة، وبالتالي لن تستطيع المقاومة إعادة بناء قدراتها لأن إسرائيل ستكون قريبة من أي منطقة في القطاع وقادرة للوصول إليها بأسرع وقت.
لا يخفى على الجميع أطماع الإدارة الأمريكية بالسيطرة على غاز غزة حيث عرقلت مرارا وتكرارا محاولات الفلسطينيين الاستفادة منه وهاهي تجد الفرصة والذريعة لاستكشاف المنطقة عن كثب خصوصا أن الميناء سيبقى لمدة ليست بالقصيرة بحجة ايصال المساعدات حاليا وجهود اعادة الاعمار لاحقا والتحكم بها كون الولايات المتحدة الراعي لكل هذه العمليات.
ولكن الهجمات المتكررة للمقاومة لهذا الموقع والتي تكاد تكون بشكل مستمر، من خلال استهداف قيادة الجيش في موقع نتساريم والتي ازدادت وتيرتها بعد رفض إسرائيل مقترح وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماس الذي تضمن مقترح الوسطاء عدة بنود أهمها المرحلة الأولى إنسحاب الجيش الإسرائيلي من موقع نتساريم كاملاً مع منشأتين أقامهما على الممر وإخلائه تظهر براعة المقاومة في التحليل وقدرتها على احباط مخططات العدو منذ بداية الحرب.
، وإن رسالة المقاومة في عملياتها المتكررة للحكومة الإسرائيلية، إن هذا الموقع الذي تبني عليه أمريكا مصالحها ومصلحة قاعدتها العسكرية سيكون تحت نيران وضربات المقاومة حتى انسحاب إسرائيل وأمريكا من غزة أو استمرار العمليات واستنزاف الموقع.
كما أن ماسبق يفسر تعنت نتنياهو ورفضه الانسحاب منه كونه أخر مايبني عليه اماله وماقد ينقذ مسيرته السياسية أو يطيل أمدها بأقل تقديرات كونه قد يعد انجاز تكتيكي في أسوء الحالات وهو ماعجز نتنياهو عن فعله في أي مكان أخر من جغرافيا القطاع.
والجدير بالذكر أن ما سمعناه مؤخرًا من قبل الإدارة الأمريكية، إن الميناء تم تعليق العمل فيه بسبب الأحوال الجوية، ما هو إلا محض كذب وتضليل للرأي العام، ولا يفهم الا في سياق ماسبق، وأن الفعل المقاوم والكثافة النارية وربما الخسائر الكبيرة أيضا هي من أجبرت العدو والولايات المتحدة على تحريك الرصيف عدة مرات تحت حجج واهية فتارة يكون بسبب أعطال تقنية، وتارة بسبب الأحوال الجوية .
على أية حال مع ظهور بوادر مفاوضات جديدة قد يشتد استهداف المحور أكثر للضغط على العدو ومن وراءه الولايات المتحدة، مما قد يؤدي الى تسريع وتيرة المفاوضات ومرونة أكبر بالتعاطي مع مطالب المقاومة، المتسلحة بالاعترافات الأوروبية بدولة فلسطين على الصعيد السياسي كما الانتصارات الأسطورية في الشمال وصمود الحاضنة الأسطوري والذي يعد أهم نقطة.
الكاتب والباحث محمود النادي