مما لا شك فيه أن الكيان الصهيوني قاعدة عسكرية قوية وقادرة على إحداث دمار كبير في منطقتنا، فغزة مثال صارخ على الذهنية التي لا تتورع تنفيذ إبادة جماعية لكل من تعتبره عدو، بل لكل من تعتقده مشروع عدو في المستقبل، أي انها دهنية تعتبر الشعب العربي والإسلامي أعداء مفترضين بشكل دائم ( قلق المستعمر الدائم من صحوة الشعوب).
بناءا على هذا، صرٓحت القيادة العسكرية والسياسية للكيان، بأن جيشهم لم يستعمل حتى الان إلا عشرة بالمائة من قوته، وهم جاهزين لفتح اكثر من جبهة، بل يهددون بضرب أهداف في إيران، فهل هذا التصريح تهديد حقيقي أو محاولة لكسب الزمن وتشتيت الانتباه عن نقطة ضعفه التي لا علاج لها، إلا بالعنتريات العسكرية ؟
إستناداً على ما سبق، فإن الكيان الصهيوني، يغفل أو يحاول بالتهويل، تجاوز نقطة ضعفه التي تجعل من قوته العسكرية لا تساوي إلا كونها أدوات هجوم فقط، والهجوم يملك عماده أيضا المحور المقابل.
فالحقيقة تؤكد ان نقطة ضعفه ككيان وظيفي، بلا أساس أخلاقي ، ولا جذر تاريخي، تتمثل في مجتمع مستوطنيه، فمقابل ال 90٪ من قوته الباقيه حسب زعمه في أي حرب إقليمية لا سقوف لها، ولا قواعد إشتباك تحددها، يصبح هو على كامل مساحة إلارض المحتلة مائة بالمائة تحت دائرة الاستهداف ، بمعنى أدق، يصبح 100٪ من مجتمع مستوطنيه تحت مرمى مئات آلاف الصواريخ التي ستهاجم أيضا تحت معادلة مسمى (الهدف الوجودي) لشعب المنطقة .
من هذا المنطلق، فان نقطة ضعف الكيان بالميزان الوجودي لا توازن نقاط قوته بل تجعل نقاط قوته الاساسية أساس إستهداف نقطة ضعفه ، فإذا كانت النتيجة النهائية لأي حرب كبرى، دمار كبير في المنطقة، فان الكيان هو المرشح للزوال ولن يكون في الخارطة المستقبلية، على قاعدة البعد الديمغرافي كتعداد سكان ، وعدم إمكانية التعويض أمام ملايين العرب الفلسطينيين أصحاب الأرض والذين يملكون عمق قومي كخزان ديموغرافي وإنساني.
بالإستناد لما سبق، وهي معطيات أساسية، وضعت الخطوط العريضة للقوى التي لها مخططات آنية أو إستراتيجية للمنطقة، وعليها ظهر المشروعين المتناقضين، ليس من جانب الحق فقط، بل أيضا من حيث التخطيط والقدرة على التنفيذ تحت فكرة الاستنزاف.
الأول :المشروع الاستعماري والكيان الإسرائيلي مركزي فيه،
الثاني :المشروع التحرري وزوال إسرائيل أساسي فيه.
للأن لا يملك قادة المشروعين القدرة على التصعيد لحرب شامله، لعدم القدرة على تحديد أو إستشراف شكل ومضمون نهاية الحرب، ومن سيكون المنتصر في المشهد، ولذلك في المشروع الأول نرى تنفيذ تكتيكي مرحلي تحت منطق دمروا واقتلوا واستعمروا ومن ثم سيطروا على المنطقة، ولا تلتفتوا لصحوة الشعوب، فالمنتصر سيحدد طريق وشكل ومضمون قرون قادمة من الزمن وهذا يمثل ذهن الاستعمار الحديث.
والمشروع التحرري المقابل، ثابت على قاعدة، قاوموا وإصمدوا وإصبروا ، فقد عدٓ المحور العدة، وتوحد في ساحات إستراتيجية، ولا يمكن الا الوفاء بالالتزام الديني والقومي والأخلاقي الوطني، بخوض معركة إحراز النصر بالنقاط لحين تفرض الحرب الكبرى.
في هذا الإطار والذهنية فان المشروع الصهيو أمريكي وأذياله يسعون مع تنفيذ التدمير الممنهج لغزة الان ،لتفكيك كل إتفاقيات ومعاهدات السلام المزعومة، بهدف رسم خارطة جديدة للمنطقة على قاعدة مدينة دبي، وهي ( استثمارات مركزية لليهود الصهاينة والصهاينة الامريكان لجعل هذه المدن دوائر إقتصادية وكأنها بنك مركزي بسلطة صاحب القرار) مقدمة لتنفيذ تحديد معالم وحدود دولة إسرائيل الكبرى المزعومة،، وهو هدف سيعمم بسهولة حين تنفيذ تدمير المنطقة وحل جميع الاتفاقيات، التي بالأساس تم اقرارها سياسيا في مجلس الأمن وممكن الانتهاء منها في ذات مجلس الأمن. وهذا رهن من سينتصر في صراع الاقطاب الدائرة في العالم.
بطبيعة الحال ان هذه القراءة لبعض خطط المشروع الاستعماري الجديد ، تؤكد بان أساس إمكانية تنفيذه هو بالقضاء على الشرط ، حيث نؤكد دائما بأن الشرط يتمثل في محور المقاومة كمؤمنين ذو بأس شديد، وجميع القوى الوطنية والقومية التي تنتج ذهنية المقاومة في فعلها السياسي والاعلامي والشعبي كمكمل للفعل العسكري المقاوم، وعلى هذا ليس أمام صناع المشروع للتنفيذ الا حرب بهدف القتل، ( تدمير المقاومة وقتل أكبر عدد ممكن من الناس) وتهجير أخرين وتمكين القبضة على من يتبقى، والسؤال البديهي، لماذا لم توسع قوى الاستعمار نطاق تنفيذها تصعيد عسكري ؟
هو ذات الشرط لانتصارهم، بات المانع الأهم لتحقيق إنجازات ثابته (محور المقاومة).
في ذات الصدد وعلى ذات القاعدة، فإن المشروع الثاني كشكل ومضمون وبوصلة يشكل أساس المشروع الأول(الاستعماري) ، حتمية زوال إسرائيل كشرط لإستئصال مشاريع الغرب الاستعمارية. وهنا يجب التأكيد بأنهم مشروعان لا يمكن أن يتوصلا يوماً لاتفاق دائم، فوجود أحدهم مرهون بالخلاص من الآخر.
بناءا عليه، إذا اعتمدنا المقارنات بين المشروعين، تكنولوجيا وعسكريا وحتى سياسيا على مستوى الحكومات، سنرى المشهد بغير صالح محور المقاومة.
واذا اعتمدنا نقاط ضعف الكيان وحده في المشهد، فان ميزان القوة لصالح المحور.
محور المقاومة عبر ساحاته المتعددة عسكرياً، وما يمثل كبيئة حاضنة له على مساحة الأمتين العربية والإسلامية ،مقارنة بسبعة ملايين مستوطن في فلسطين يسكن بينهم ما يقارب أيضا سبعة ملايين فلسطيني، فان ميزان القوة لصالح مئات الملايين من العرب في اي نتيجة لحرب وجودية أساس الانتصار فيها، سيكون من يستطيع بعدها نفض الدمار وإعادة إحياء نبض الحياة في بلاده وهذا لن يكون بقدرة كيان مدمر وغالبية سكانه أموات، فبعد سقوط الكيان في حقيقته أمام شعوب العالم، وزرع كل اسباب الغضب والنقمة كعدو غاصب وكقاتل إرهابي لدى الشعب العربي، نصل لنتيجة، بأن اي تصعيد لحرب شاملة ورغم الخسائر الكبيرة التي ستتكبدها دول المنطقة، إلا أن إسرائيل هذه لن يبقى فيها، إلا ذكرى العقرب المكيود نتنياهو الذي لدغ نفسه وكيانه حين اغشى الله بصيرته وتعاظمت في نفسه عظمة ليست على مقاسه، ليهلك في أحلام كاذبة صنعها اسلافه على حساب حق أصحاب الأرض، وصدٓقها النتن ياهو وما يمثل ليقعوا فيها أمام يقضة سكان المنطقة.
خلاصة الفكرة ، لن يستسلم المحور، وسيفاجيء الجميع بما يحمل للايام القادمة عسكريا، وعلى شعبنا العربي تحديدا، أن يتبنى فعلا وليس قولا، ان المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص والخسارة الوحيدة بعد إنهاء الحرب الكبرى إذا وقعت ، هي خسارة حكام وأنظمة تابعة عاثت خراب في كل شيء داخل بنيتنا الدينية والاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية في أمتنا جمعاء،مع خسارة الورم السرطاني المسمى ( الكيان الصهيوني) ، على قاعدة الثوار الحقيقيين في العصور الاقطاعية، ثوروا فلن تخسروا سوى قيدكم.
الكاتب صادق القضماني