كلنا، بلا استثناء، نحتاج إلى من يسندنا ويؤازرنا، ويفك عنا ضيق الحال، ويفرج كروبنا، ويضع في طريقنا من عباده الطيبين من يحبنا ويضمد جراحنا. نحن جميعاً عباد الله، لم يخلقنا ليعذبنا، بل لنحمده ونشكره على نعمه التي لا تحصى. فهو الرزّاق بلا حدود، والمنعم بلا قيود. هو رب الناس جميعاً، كل الناس، وكل الأقوام منذ بداية الخلق. فلا يجوز لنا أن نستثني أحداً من عباده، فحتى الظالم والمتكبر والمتجبر هم أحوج الناس إلى مغفرة الله والتوبة والرجوع إليه.
الذي يأكل لحم أخيه ميتاً، والكذاب، والخائن، والمنافق، والزاني والزانية، والسارق والسارقة، كلهم في حاجة ماسة إلى رحمة الله وهدايته. بل إن كل من انحرف عن الطريق القويم بحاجة إلى مرضاة الله وعفوه. الدموع والتضرع والإبتهال إلى الله ليس احتياجاً مقتصراً على من هداهم الله وآمنوا به وخشوه في السرّاء والضرّاء، أو على من صلّوا في المحاريب وتصدقوا وأقرضوا الله قرضاً حسناً. بل حتى العربيد والسكير ومن على شاكلتهم، هم أشد عوزاً وحاجة إلى التوبة والاستغفار.
فلا ينبغي أن يهزنا أو يفاجئنا شيء، حتى دموع المجرمين وكسرتهم هي جزء من الطبيعة التي أودعها الله فينا. فمن منا بلا خطيئة؟ ومن منا لم يظلم يوماً أحداً أو يتجرأ على حقوق الآخرين، أو يتعدى حدود الله؟ لسنا ملائكة، ولا أنبياء مصطفين.
عودوا إلى الله، ولا تؤذوا جيرانكم، واصفحوا عن أصدقائكم، وارحموا صغاركم، وأكرموا كباركم، وصلوا أرحامكم، وأنفقوا مما رزقكم الله، لعلّكم ترحمون.
د.عبد المنصف المنصوري