قال لها، بعد أن سألته عن حاله:
أشعر بالبرد ، بالبرد الشديد…
سألت – وقد شعرت بأوصاله ترتعد ارتعادًا شديدًا -: وحدك ؟
قال: أمي هناك بين النجوم ،لا زالت تقف في الطابور بانتظار رغيف خبز لابنائها.
من السماء !
ابي يفتش في الارض بقعة ينصّبُ عليها خيمة لا يزورها حرّ شمس ولا فيّضُ السماء…
أختي، هناك باقية فوق الجرح،
تبكي أخاها المنزوع عنها
وامها المحرومة منها
واباها الساكن فيها
تبكي طفولةغادرت جسدها
وغربة في حضن وطنها
زوجتي تذرف دموع القلق على ابن يعيش غربة فوق غربتنا…
عيناها صارت تشكو متلازمةالشّاشات،
تتابع أخبار بلاد العُرب أوطاني!
وفي كلّ خبر تكذيب للشّعارات!
أمّا ابنتي فقد لمحتها تخطّ رسالة لخالتها
بدموع من وحدة وشوق وقهر وسؤال…
قالت وقد خنقتها العبرات: تدفأ جيدا
اغلق الأبواب والشبابيك في وجه الريح الباردة …
قال : منطقتي هنا عالية ، مضرب للهواء
والثلوج ..
قالت مُمازحة: اما بيتي فهو في حضن وادي تحت جناح البيوت….
قاطعها قائلا : قريتنا هناك في حضن الوادي دافئة …
أدركَتْ حنينه القاتل وبردَ روحه الشّديد، فقالت : تدثّر بقصيدة تبعث في الشريان الدفء والحياة .
قال: كنت اقرا جفرا وظريف الطول ، أصابتني قشعريرة النزف، أشدّ على الشريان لأوقف نزفه…
ينتفض متمردا ” تكن خاسرا إن نجوت”!
قالت وحُرْقُ البرد قد طالها من تنهداته:
نكابر على الحزن،
طويلة تغريبتنا ، بطول انشقاقنا وعرض انكساراتنا.
ما أطول طابور انتظارنا، من مطلع طابور الخبز حتى قارب يتيه في عرض البحر .
وطفلٌ يتجمد في العراء…
الشاعرة خالدية ابو جبل