كان هادي، ابن السبع سنوات، يركض في سباق محموم مع شظايا القذائف في بيت حانون، يركض في اتّجاه البحر مصمّما أن يغلب الشظايا، غير مبال بالألم الذي يقاسيه أخمصا قدميه الصغيرتين من مخلفات القصف التي تملأ طريقه، فالمهمّة التي حطّتها أمّه على عاتقيه الصغيرين كبيرة، ويجب أن تنجز مهما كان.
لم يكن خيار أمّ هادي، والتي لم تتخّط بعد الربيع الخامس والعشرين، والعالقة بين الركام ورضيعها فادي ابن الربيع ونيف، وغزّة ابنة الثلاث ونيف وهادي، لم يكن خيارها إلّا أن ترسل هادي ابن السبع إلى الغرب، مستغلة راحة اتّخذتها القذائف ربّما بعد أن كلّت مثلما اعتقدت، لعلّه يأتيها وأخوته ببقيّة حياة كانت قد بدأت تفقدها.
رأى المنقذون عن بعد يدًا صغيرة مضرجّة لجسد مضرّج، ترتفع من بين الحجارة المتناثرة في الطريق، تشير شرقًا إلى كومة ركام. لم ينجح هادي على ما يبدو في سباقه هذه المرّة، وكما كان يفعل في الفصل حائزا على المركز الأوّل دائمًا.
كان آخر شيء رآه هادي، قبل أن يغمض عينيه بين أذرعٍ حَملْته، أناسًا يركضون نحو الكومة التي بدأت والوجهُ الذي يحمله، يغيبان عنه شيئا فشيئا.
هادي لم يعرف، ولن يعرف إن كان فشل في السباق، لكن عندما يكبر فادي وغزّة سيعرفان.
الأديب سعيد نفّاع