هل سننتصر بمعجزة خارقة للعادة؟


……………………

ماذا قال زكريا عليه السلام عندما بشَّره الله بيحيى؟
﴿ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ …﴾.

وماذا قالت مريم بنت عمران عندما بشَّرها الله بعيسى عليه السلام؟
(قَالَتْ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ۖ…)

زكريا ومريم عليهما السلام يتعجبان من مخالفة السنن الكونية في موضوع الإنجاب، علمًا أنهما يكلمان الله ويعلمان أن الله قادر على كل شيء قدرة مطلقة

إذن فلماذا يتعجب زكريا ومريم من مخالفة الأسباب الكونية؟

بل لماذا أخبرنا الله أنه حصل منهما هذا التعجب؟

نستطيع أن نفهم من ذلك كله أن عقول الأنبياء والصالحين كانت مطبوعة أو مبرمجة وفق السنن الكونية والأسباب والمسببات وليست خارجة عنها، بل إنّ الخروج عن الأسباب الكونية إلى المعجزات أمر غير مألوف لديهم.

وإنما تحصل المعجزات معهم في حالات مخصوصة، كالحاجة إلى إثبات نبوة النبي أو أن يكون النبي موعودا بها قبلًا

الربط:

إذا كان زكريا النبي ومريم الصدِّيقة يتعجبان من مخالفة السنن الكونية وهما يكلمان الله فكيف بنا نحن اليوم نعتقد مثلا أن الله سيدمر لنا أمريكيا وإسرائيل بمعجزة من عنده ونحن قاعدون منتظرون، علمًا أننا لسنا أنبياء ولم يكلمنا الله.

إذن، لعل الله أخبرنا بموقف هذين عليهما السلام كي يبقى تفكيرنا في إطار الأسباب الكونية ولا نخرج عنها دون استثناء شرعي، عليه دليل من الله

المفارقة:

الله أمر نوحا أن يأخذ بالاسباب الكونية للنجاة من الغرق، فأمره بصناعة السفينة، ولم يتعجب نوح حينئذٍ من أمر الله له؛ لأن صناعة السفينة ليس أمرًا خارقًا للعادات أو معجزة

وكان الله قادرا على أن يصنع معجزة له دون الحاجة للسفينة كأن يطيش نوح على الماء فينجو
ولكن الله لم يُرد له ذلك

لذلك علينا أن نؤمن أن الاسلام لن ينتصر بمعجزات وخوارق للعادات وإنما سينتصر بتوفيق من الله برجال مؤمنين أخذوا بالأسباب الكونية كلها وأعدوا العدة وأرهبوا عدو الله وعدوهم.

د. شادي الغول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *