هيمنة اللغة د.عبد المنصف المنصوري

لا شك أن اللغة هي وعاء التفكير وأداة أساسية للتعبير عن الأفكار، ولكن القول بأن اختصاص لغة معينة بمجال ما هو أمر طبيعي ومجرد مسألة تيسير قد يغفل عن بعض الحقائق التاريخية. اللغة الإنجليزية، على سبيل المثال، لم تنتشر عالميًا وتصبح لغة التواصل العلمي والتجاري والثقافي الأساسية لمجرد خصائصها اللغوية أو سهولتها، بل كانت نتيجة مباشرة للاستعمار البريطاني. عندما استعمَر البريطانيون مناطق واسعة من العالم، فرضوا لغتهم وثقافتهم على الشعوب المستعمَرة، مما أدى إلى تراجع استخدام اللغات المحلية في تلك المجالات.

كما أن الهيمنة الثقافية والاقتصادية التي فرضتها الدول الناطقة بالإنجليزية، مثل الولايات المتحدة لاحقًا، لعبت دورًا كبيرًا في استمرار انتشار اللغة الإنجليزية بعد انتهاء الاستعمار. اليوم، الإنجليزية ليست فقط لغة العلوم بسبب خصائصها، ولكن أيضًا نتيجة للهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية لهذه الدول.

ورغم ذلك، ينبغي أن نؤكد أن اللغة ليست مجرد أداة للسيطرة، بل يمكن استخدامها أيضًا كوسيلة للتواصل والتبادل المعرفي بين الشعوب. ومن المهم أن نحافظ على لغاتنا الأصلية ونطورها لتظل قادرة على استيعاب العلوم والتقنيات الحديثة، بدلاً من أن نسمح باستمرار هيمنة لغة واحدة على حساب التنوع الثقافي واللغوي.

د.عبد المنصف المنصوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *