ولادة للكاتب سيد جعيتم

رَائِحَةُ الْبَارُودِ تَعْبِقُ الْمَدِينَةَ تَسْحَبُ أَنْفَاسَ الْأَحْيَاءِ، إِيقَاعَاتِ الِانْفِجَارَاتِ أَشْعَلَتْ الرَّغْبَةَ فِي جَسَدِ سَالُومِي، فَاعْتَلَّتْ أَشْجَارُ الزَّيْتُونِ
الْمُحْتَرِقَةِ، وَمِنْ فَوْقِ أَشْلَاءِ مَنْ دَفَنُوا أَحْيَاءً، بَدَأَتْ بِقَدَمَيْنِ مُخْضَّبَتَيْنِ بِالدِّمَاءِ رَقْصَةً جَدِيدَةً.
نَادَاهَا وَهُوَ يَلْتَحِفُ السَّوَادَ وَلَا يَظْهَرُ مِنْهُ سِوَى عَيْنَيْ أَفْعَى:

سَالُومِي.. أُعْدِي نَفْسَكِ لِلرَّقْصَةِ الْأَخِيرَةِ حِينَ يَبْعَثُ الْهَيْكَلَ مِنْ جَدِيدٍ مِنْ تَحْتِ تِلْكَ الْقُبَّةِ.
أَشَارَ نَحْوُ الْمَسْجِدِ الِاقْصِيِّ.

طِفْلٌ صَغِيرٌ غَاضِبٌ صَاحَ:
بَقَرَ زَبَانِيتِكَ بَطْنُ أُمِّي، وَضَعُوا فِي قَلْبِ الْجَنِينِ خَنْجَرًا لِيَتَأَكَّدُوا مِنْ مَوْتِهِ.

لَفُّ الطِّفْلِ مِقْلَاعَهُ، خَرَجَ حَجَرًا شَجَّ رَأْسَ مُلْتَحِفِ السَّوَادِ، تَمَسَّكَن وَتَأَلَّمَ، صَرَخَ عَلَى حُلَفَاءِهِ :

كَادَ الْإِرْهَابِيُّ الصَّغِيرُ يَقْتُلُنِي،
لَا تَكْتَفُوا بِالصَّمْتِ.
انْتَفَضُوا أَمَدُّوهُ بِالْبَارُودِ
الْمُحْرِمُ لِيَقْتُلَ الْجَمِيعَ :
وَجْهُ مَدْفَعِهِ لِقَلْبِ الطِّفْلِ، سَقَطَ، عَلَا صَوْتِهُ يَصُمُّ آذَانَهُمْ

يَا أَوْلَادَ الْأَفَاعِي.
تَسَائَلُوا فِي رُعْبٍ، مَا هَذَا!؟ .
ابعث يَحْيَ مِنْ جَدِيدٍ.
عَيْنٌ ثُعْبَانٌ تَطِلُّ ، تَنْفُثُ السُّمُّ :
أَثْأَرُوا لِهَدْمِ الْهَيْكَلِ، أَثَارُوا لِآبَائِكُمْ الَّذِينَ حَرَّقُوا أَحْيَاءً،
لِيَمُوتُوا تَحْتَ الْعَذَابِ، اهْدِمُوا بُيُوتَهُمْ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ.
أَلْقَوْا جُثَّةَ الطِّفْلِ تُغَطِّيهَا
الدِّمَاءُ، احْتَضَنَتْهُ فَتَاةٌ، طَهَّرَتْ ثَوْبَهَا بِدِمَائِهِ لِيَكُونَ ثَوْبَ زِفَافِهَا.
مِنْ بَطْنِ الْحِجَارَةِ، قَامَ رَضِيعٌ يَحْمِلُ فِي يَدِهِ مِدْفَعًا.

الكاتب سعيد جعيتم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *