تداول ناشطون فيسبوكيون في هذه المقتلة والمهلكة وحرب الإبادة مقولات عديدة نسبوها لمحمود درويش دون أن يوثقوها . لقد بدا لي أنني أقرأها لأول مرة . وقرأت أيضا جملة عابرة يرى كاتبها أن درويش وكاتبين آخرين استبيحا فنسبت إلى الثلاثة مقولات عديدة ، ما ذكرني بما كتبته عن الأسطر التي خضت فيها قبل بداية الحرب وهي :
” ستنتهي الحرب ويتصافح القادة الأعداء لتنتظر العجوز ابنها … ” .
وأخذت أنظر في صفحات بعض كتابنا من فلسطين ١٩٤٨ والضفة الغربية والقدس والأردن لأرى ماذا كتبوا في الحرب الدائرة حاليا ، ففوجئت بأنه لا يكاد يذكر ولا يرتقي إلى ضخامة الحدث وجلله وأهميته .
من العبارات التي أدرجت على أنها لمحمود درويش عبارة فحواها أن من يتغيبون الآن عن الحدث سيغيبون حتى الأبد . ولا أعرف في أي من كتبه وردت ، فتساءلت عن مستقبل كتاب كان لهم ، قبل الحرب ، الحضور الأبرز في ساحتنا الثقافية ولكن صفحاتهم الآن لا تحفل إلا بذكر أخبار إصداراتهم وطبعاتها وترجماتها وأسفارهم . هل سيغيب هؤلاء حقا حتى الأبد ؟
أحيانا أتساءل عن سر هذا الغياب في نصوصهم عما يجري . أهو الخوف من السجن ؟ أهو الخوف من قطع راتب التقاعد أو التأمين الصحي أو سحب الهوية ؟ أهو شعورهم بأن من يخوض الحرب لا يمثلهم ؟ أهو الخوف من … ؟ والتساؤلات كثيرة .
تابعوا صفحات أبرز كتابنا وتأكدوا مما أكتب ! أرجوكم تابعوا !
وبعد ذلك أرجو ألا يبالغ أحد في الكتابة – أو الحديث – عن دور الأدباء الفلسطينيين في المعركة ، فلا دور لنا ، وأكثرنا يعاني من نرجسية قاتلة . أدباؤنا الغائبون هم الحاضرون ، وأكثرهم حضورا هم محمود درويش وغسان كنفاني ومعين بسيسو وتوفيق زياد .
هل أنا مصيب أم مخطيء ؟
لا ضرورة لذكر أسماء أصحاب الصفحات التي راجعتها أمس ونظرت فيها ، فلا معنى لمعارك هامشية خاسرة لا تقدم ولا تؤخر ، بل ولا حاجة لكسب مزيد من الإخوة الأعداء . القلب ينفطر لقسوة المشهد ولسوف أتوقف في السابع من أكتوبر ٢٠٢٤ عن كتابة يوميات الحرب . صرت أكرر نفسي ، ولعل الله يجد لنا ، هنا في فلسطين ، مخرجا . صار القلب من الحامض لاوي( ا ) وبدأ الواحد منا يكره ذاته . عجز وقلة حيلة وطعام زائد فيما أهل قطاع غزة ولبنان يعانون الأمرين .
الصواريخ اليمنية ، فجر اليوم ، تصل إلى تل أبيب والإسرائيليون يهرعون إلى الملاجيء .
أ. د. عادل الأسطة