هو فيلم سينمائي من تاليف دانيال غابرييل،إخراج ماتيو مايكل كارنهان ومساعده محمد الدراجي وبطولة سهيل دباج وآدم بيسا وإسحق إلياس وآخرون، تم إنتاجه من قبل الأخوين: “أنتوني وجو روسو”، وهما منتجا فيلم (Avengers -End game)، الذي حقق إيرادات أسطورية حين تم عرضه في دور السينما.
الموصل يعد أول فيلم هوليودي باللهجة العراقية،وقد تم عرضه يوم 26 نوفمبر 2020 على منصة نتفليكس وكانت مدة العرض 102 دقيقة،وهومقتبس من تحقيق صحفي نشر في ( نيويوركر)الأمريكية،في كانون الثاني الثاني 2017 المتعلق بمجموعة من عناصر قوات الشرطة العراقية الذين يقررون الانشقاق عن مهماتهم ومقاتلة تنظيم داعش الإرهابي ويأتي ذلك الصراع من أجل انقاذ مدينتهم الموصل .
هذا المقال أثار إنتباه المنتج، “جو روسو”، الذي قيل إنه بكى عند قراءته وأصر على تصويرها في فيلم سينمائي،يُشار إلى أن الفيلم من تمثيل مجموعة من الفنانين ، ومن أبرزهم الممثل العراقي المقيم في الولايات المتحدة، “سهيل دباج”، وآخرون، وتم تصويره في المغرب العربي.
ولعل المشهد الأول عبارة عن تصوير فديوي متوازن لمدينة مخربة بالكامل تعطيك صورة واضحة انها تعرضت لهجوم جوي وارضي واسع النطاق مع قوات الدروع والمدفعية وما ان تبدأ رحلة المقاتلون يظهر لنا عشرة منهم يحملون أسلحة خفيفة بندقية كلاشنكوف عيار 7,62ملم مع مسدسات اقصى ماتفعله الاطلاقات خدوش وندب في الجدران والمباني بل ويفتقرون حتى للأسلحة المتوسطة سوى (آر بي جي)واحدة وصاروخ واحد لم يطلق حتى نهاية الفيلم.
مع ان كاتب النص لم يعرفنا عن الموصل موقعها تاريخها وعدد سكانها ومساحتها ومن هؤلاء الذين عاثوا بها خرابا سوى انها حرب بين دولة الخلافة وقوات الشرطة العراقية وكأن ذلك اعترافا ضمنيا انها دولة خلافة وفي الحقيقة هم مجاميع من المأجورين حملوا اسما كبيرا للاسلام وماهم للاسلام في شيء وكان الاصح يكتب كما (سمّوا انفسهم بدولة الخلافة) وهم لاتربطهم صلة بهذا الاسم سوى تشويه صورة العرب والمسلمين لذا اطلاق هذه التسمية اعطتهم هالة كبيرة من الناحية الإعلامية والسياسية.
كما ان الكاتب اطلق تسمية( فرقة سوات )والفرقة في الواقع العسكري ثلاثة الوية كل لواء يضم ثلاثة أفواج أي بما لايقل عن (1500) مقاتل والاصح ان يطلق (حضيرة سوات) لان عدد الحضيرة محصور بين 10-13مقاتل.
تبدأ قصة الفيلم بمقاتلة عدد من الشرطة العراقية ضد مجاميع داعش ليستشهد عدد من الشرطة ويحسم الموقف بتدخل مقاتلي سوات ليرافقهم مقاتل جديد اختاره الرائد جاسم لزيادة العدد في لاقتحام اسمه “كاوه” لايمتلك هوية عسكرية لانه جديد في الخدمة كما ادلى وهذا مشكلة ان تأمن شخص غير معرف في رحلة كهذه لنستخلص انها عملية انتقام شخصية لتعرض عوائل هؤلاء المقاتلين الى بطش داعش كما أوضح كاتب النص وانها ليست عملية فدائية وطنية خالصة وجاء ذلك بشكل جلي عند وصول المقاتلين الى ذويهم(مع ان هذا غير محرم )كنا نتمنى ان تكون المهمة وطنية خالصة.
وعند تتبع احداث الفيلم هناك قضايا بعيدة عن المنطق العسكري اذ ليس من المعقول ان يقتحم عشرة اشخاص بثلاث عجلات همر كل هذه المسافات التي يسيطر عليها داعش .
وقد ظهر في المشهد حالة إنسانية عالية بتوقف الرائد جاسم عند طفلين كانا بوضع صعب باستشهاد والديهما والالحاح لاخذهما معه ولكن احدهم رفض ذلك فكان الاسلم ان تعزز الحالة الإنسانية باخذهما ولو كلف الامر جبرهما على الصعود فلو شاركهم ورفاقه في دفن والديهما لكانت مهمة انسانية ارفع شأنا، ولكن انتهى المشهد باخذ الابن الصغير وترك الاخر في منطقة خطرة وتناقض ذلك مع مشهد آخر لنفس المجموعة(عنف بقطع الرقاب ) بشكل مشابه لفعل داعش وهذا ماترفضه جميع الشرائع والأعراف لو تجنب كاتب النص هذا كان افضل خير من الوقوع باشكالية كهذه .
واثناء المسير في العجلة تحدث الرائد جاسم الى كاوه عن سبب انشقاقة عن الشرطة لتكليفه بواجب في الجزيرة البعيدة فرد عليه بزجر لاتحدثني باي شيء عن هذا كل شيء في وقته سأعرفه والمعلوم في العرف العسكري ذلك تجاوز غير مسموح وبقى الرائد محدقا وقتا طويلا الى كاوه دون كلام كانه نسي النص او نسي ماسيفعل (كان الحوار ضعيفا وشخصية الضابط اقل من مستوى المهمة العسكرية) ناهيك ان الموسيقى التصويرية لم تكن ملائمة لخصوصية الحالة وتصاعد الحبكة الدرامية.
في واحدة من المواجهات مع داعش استشهد احد المقاتلين فقال احدهم(استشهد الى رحمة الله) ثم اردف الاخر كلمة كفر برب العزة، وهذه مخالفة شرعية أخلاقية لاتجوز لانه فيلم عراقي موجة للمسلمين فلا يجوز ذلك وكان يتوجب تدخل المخرج المساعد محمد الدراجي ورفض حالة السباب بالله لان ذلك حرام ولسنا في هوليود بل ولانهم في مهمة دفاعية كبيرة تلزمهم خصوصية مع الله سبحانه وتعالى .
رفع الآذان لصلاة الظهر فتيمم المقاتلون للصلاة ولا اعرف من اين صدر الآذان وهي مدينة مخربة بالكامل ولايسكنها احداً وذلك مافرضه علينا المشهد منذ بداية العرض.
انهم عشرة اشخاص في مهمة قتال المدن المحصنة التي لها مهمات خاصة كما في قتال المناطق الجبلية وحرب الشوارع يتوجب خبرة عسكرية في معرفة القتال والا ماذا نبرر وجود داعش داخل واعلى البنايات وقوة سوات في طريق مغلق بعجلاتهم التي لاتحميهم ويخرجون بسلام وعند استشهاد احدهم يتجمعون حوله ويخفت ازيز الرصاص ولانعرف سر ذلك مع ان قتلهم سهل وبسيط لاستمكانهم من قوة مجرمة.
اتخذ داعش المواطنين العزل كدروع بشرية من خلال الدخول بين المواطنين النازحين وقد كرر الرائد جاسم ذات الفعل بدخوله ومجموعته بعجلاتهم الثلاث ليستهدفهم داعش ويقتل عدد كبير من المدنيين العزل فمن المفترض عليه كضابط عسكري تصحيح المسار وفق المنطق العسكري بسلوك طريق آخر يبعد المواجهة المحتملة وسط المواطنين.
في مقابلة الرائد جاسم مع العقيد الإيراني كانت هناك ابعاد سياسية واضحة من خلال الحوار الذي دار بينهما الذي أشار الى التدخل الإيراني في شؤون العراق اضافه الى تبديل علب من السكائر مع عتاد كلاشنكوف والعقيد يضحك وكانهم في نزهة وهم في محاصرة كبرى وسط داعش.”لاندري من اين جاءت العلب”
عدم استخدام المخرج صورة حية من الموصل قبل وبعد فهناك أماكن ومثابات معلومة في تلك المدينة لابد من ذكرها كمرقد النبي يونس عليه السلام ومنارة الحدباء والغابات والجسر الرابع وهكذا، فاستخدام صور هذه الأماكن يقرب للمتلقي الصوره الذهنية لأهمية هذه المدينة.
كما تم اهمال حق القوات الأخرى الداخلة للموصل في التحرير بالرغم من انها قدمت الكثير من التضحيات كما ان الرشوه التي قدمها الرائد جاسم من اجل العبور الى الجناح الايسر الى احد ضباط الشرطة الاتحادية التي كانت لهجته كأنها سورية وليست عراقية يعتبر اساءة كبيرة بحقهم مع انهم قاتلوا حتى انتهاء عمليات التحرير.
عند التقدم في احد الهجومات كان كاوه أمّن السلاح والرائد جاسم أيضا وهم يسيرون في طرق مجهولة ومهددين بمواجهة محتملة في أي وقت فهل يعقل ذلك ،في لقطة أخرى باحد المواجهات كانوا يحملون الاسلحة بدون مخازن كما مرفق في الصورة وهذا خلل كبير لابد الانتباه له اذ ليس من المعقول انك في منطقة قتال وسط حرب وسلاحك بلا مخزن للعتاد، اين الممثل اين المصور اين المخرج اين هوليود؟
وبعد كل عملية او هجوم يجلسون في استراحة وفي كل استراحة الرائد جاسم يبحث عن النفايات ويجمعها ويضعها في مكان ما لانعرف لماذا ؟وهم في منطقه مخربة وليس هناك آثار تعب حقيقية تتناسب مع المهمة والمواجهة.
ولان الفيلم باللهجه العراقيه فان استخدام كلمة “امان” عند تامين المكان هي مفردة سورية لا تستخدم مطلقا في القوات العسكرية العراقية بل يقولون “ماكو شيء” وهذا معروف لدى الجميع،كما انه في المشهد الأخير قالت الطفلة لوالدها “احبك وايد”أي كثير وهي لفظة خليجية بلا شك.
لانعرف وقت المهمه وكم استغرقت لكن لابد انها اكثر من يوم واحد ولابد ان يكون هناك تصوير ليلي فهذه مسالة مهمة لابد للمخرج او الكاتب الانتباه لها ليكون الفيلم اكثر واقعية
اللهجه العراقيه مميزة في الحوارات لكنها غير مقنعة لاختلاف اللكنة في اللفظ واختفاء اللهجة الموصلية بالكامل بالرغم من التعريج على ان الفرقة سوات هي من أبناء الموصل كما اخبرنا كاتب النص والمخرج معا فجاءت “غير موفقة” في احتواء تواصل المتلقي العراقي على وجه الخصوص لان اهل مكة ادرى بشعابها.
ومن خلال حجم الدمار علمنا ان كل شيء متوقف وقد لاحظنا وجود كهرباء وطنية كما اسموها في واحدة من المشاهد ولانعرف من يرعى الكهرباء في ظرف كهذا وقد تحولت المدينة الى اشباح “هيروشيما او ناكازاكي”
وما قبل المشهد الأخير كان استشهاد الرائد جاسم قائد حضيرة سوات الذي ذهب بتفجير خارجي بطريقة مبسطة وتافهة أحيانا لايناسب مطلقا موقفه كبطل قدم التضحيات الكثيرة فكان الاصح ان يختار كاتب النص والمخرج مشهدا اكثر تاثيرا تجتمع حوله حبكة السينما الامريكية كما في افلامهم الهوليودية المدهشة،فحينما نسخر المكان والزمان وحبكة الدراما والوقت المناسب لصنع البطل يجب ان يكون بمستوى متميز يجلب نظر المتلقي ويدون في ذاكرته.
ومن اضعف النقاط التي انهار امامها العمل السينمائي في فيلم الموصل هو غياب شخصية الخصم الذي تحاربه قوة الحق سوات والتي ممكن ان تكون مناظرة ومركزية تعزز شخصية البطل الرائد جاسم وتحقق نصرته عليها بمشهد يبين وحشية الخصم(داعش) ويتم القضاء عليه لكن استشهد جاسم بلقطة باردة لاحساب لها في أعماق الأداء السينمائي فانتهى الامر وكانه يصارع المجهول
وفي المشهد الأخير وصل وليد الى زوجته وابنته فوجد عندها رجلا من داعش فقتله حال دخوله وتفاجأت بوصوله واعتذر لها بسبب عدم قدرته الوصول اليها وقالت له :انا حامل وهذه بحد ذاتها أساءة الى شرف العائلة العراقية فليس هناك عراقية تتجرأ ان تقول ذلك امام عدد من المقاتلين الذين بصحبة وليد لان شرفها عزيز وان تعرضت للانتهاك من قبل هؤلاء المجرمين.
آخر المطاف توجه كاوه الى زميله سائلا كم يبعد ابنك من هذا المكان ..وانتهى
القاص والروائي عامر الفرحان