كَسَرُوا سِراج النُّور

كَسَرُوا سِراج النُّور، أُقلب عيني بين طَرفي أمي، مجهدة كأن السماء فيهما أظلمت، أنظر لدميتي مجددًا رأسها مبتور كعمري، فماله أن يطول وكلما أغمضت الكسيرتين نهبني الظلام فأشعر كأنما بثقل سمائها فوقي! هربت من رقعتي التي لا تأوي سوى فرشة رقيقة لا تكاد تقيني صلابة الأرض وبردها، هرعت لا أدري لأين فالموت والدم منثور في كل أرضي، وتحت تِينتنا الرّضيعة التي ما عاد لها نفس ألفعت رأس أخي وضمدته بالتراب، وما تَرَكتُ له سوى قُبلة لرَحْمه الجديد، هربت فيلاحقني صوت العويل والدمار، صوت النار والقصف كأنه النازعات على روح عبد ما ركع يومًا لربه فتُغرَقُ، أزفر بقوة وأنسى الشهيق في جوف أختي حين بكتني أن البيت يقتلها! أَوَيقتل الحبيب حبيبه! فكم من مرات نظرت لنافذتنا وكم من العمر أخذ أبي ليزودك من عمره عمرًا، وكم من نحيب طَرَحَتهُ يوم نثر دم حبيبها عصفيحة وجنتها، كم من قُبلة زرعتها حتى تعيد له من روحه فيها، استدرت لخيمتي وإذ بها بلا أهل فأمي هرب طيفها فما عدت أقدر على نصبه، ولا بتلك خيمتي ولا لي فرشة ومالي سوى هذه الدمية المبتورة، كلهم رحلوا وبقيت أتلقطهم بعيني حتى أضاعني البصر، وما تلك سوى تينة أخي أنام على صدرها الذي حوى بقيته، هي شهيدة مثلهم لكن جثمانها يحرسني بظله حتى أُظل بِظِل ربي.

الكاتبة حنين جمال ولد علي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *