فجر اليوم ( ١٦٠ ) للمقتلة والمهلكة وحرب الإبادة :” جبر الفلسطيني ثانية : من بطن أمه للقبر “

في اجتياح الضفة الغربية في ربيع العام ٢٠٠٢ ، حيث حوصرنا لفترة طويلة ، كتبت قصة قصيرة عنوانها ” يوميات جبر الفلسطيني في العيد ” .
عندما قرأت أمس ما كتبه الناقد طلعت قديح ، تحت عنوان ” ع المكشوف ” ، عن حياته منذ ولادته في غزة تذكرت المثل الشعبي الذي جعلته عنوانا لقصتي ” جبر .. من بطن أمه للقبر ” .
عدد طلعت الحروب التي عاشها في غزة وقال إنه – إن فتح المعبر – فسيهاجر مثل كثيرين من أهل غزة ، تاركا القطاع لإسرائيل وخماس ، فماذا يعني له هذا المسمى ” وطن ” ؟
هل نلومه على ما كتب ؟
لا أحد منا ، نحن البعيدين عن أرض قطاع غزة ، يمكن أن يزايد على أي مواطن هناك ، ولكن …
عندما استعرضت ، فيما كتبته لندوة مسقط ، ما كتبه بعض روائيينا ، منذ العام ١٩٣٢ ، عن الأرض وفقدانها وضرورة التشبث فيها ، لم أجد من شجع على المغادرة سوى إسحق موسى الحسيني في ” مذكرات دجاجة ” ( ١٩٤٣ ) ، ولم يكن مر بالتجربة القاسية التي يعيشها أهل غزة الآن ، وكل الذين كتبوا لم يعانوا القليل القليل مما يعاني منه الغزيون الآن أيضا .
أنا الآن أكتب وأنا في شقتي ، لا أكتب وأنا في خيمة ، فهل يحق لي أن أزايد على أي مواطن غزاوي يقيم في غزة الآن ؟
وأنا أشاهد أشرطة الفيديو التي تبثها قناة الجزيرة أو التي يصورها أفراد ، أو وأنا أسأل عن أخبار بعض أقاربي هناك ، لا ألوم غزاويا واحدا حتى لو … وأستغفر الله .
عندما أعلمتني ابنة ابنة عمي ، بعد أن سألتها عن أخبار أمها ، أنهم دفعوا مبلغا من المال من أجل إخراجها من القطاع ، صمت ولم أرغب في أن أكون ناصحا ..
وعندما خرج الروائي عاطف ابوسيف وزير الثقافة في السلطة الفلسطينية من غزة في اليوم الخامس والثمانين طلبت منه أن يكتب في يومياته عن تجربة الخروج ، لا لكي أدينه ، وإنما لتكتمل كتابته ، فلو كنت مكانه لربما فكرت أيضا في النجاة الشخصية ، وقبل ستة أيام كتب الكاتب شجاع الصفدي الذي ما زال في غزة ، تحت عنوان ” شذرات شخصية ” أنه لا يجب على أحد أن يلوم من يفكر في البحث عن خلاص فردي .
ترى لو كان غسان كنفاني حيا ويقيم في غزة هل كان سيكتب :

  • كان عليكم ألا تخرجوا !!
    في المنفى عشنا الذل وفي المنفى لوحقنا وطردنا وتشردنا وهدم مخيم تل الزعتر وجسر الباشا واليرموك والتعن فاطس أهل شنلر والبقعة أيضا و … و لهذا صمت أهل فلسطين في مناطق ال ١٩٤٨ وكان لسان حالهم عبارة إميل حبيبي ” الجلوس على الخازوق ، فقد جربنا الخوازيق كلها فرأيناها أشبه بمسامير … إلخ إلخ ” .
    هل بالغنا في لوم الأجداد والآباء لخروجهم في العام ١٩٤٨ ؟
    الآن أقرأ في رواية ابتسام عازم ” سفر الاختفاء ” وفيها أقرأ أيضا عن الموضوع نفسه .
    أنا حائر وإن اتفقت والكاتب عبد المجيد حمدان أن نبقى صامدين هنا حتى لو متنا جوعا .
    وفي الموضوع نفسه كتب أيضا الصديق “زياد عميرة” وماذا لو ركبوا – أهل غزة – السفن ” وكان أول ما قرأت في هذا الصباح .

أ. د. عادل الأسطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *