كيف فعلها الحلاج ؟ من مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى الإعتراف الواضح باعتناقه المسيحية ..

هو الحسين بن منصور الحلاج (858-922م) هو صوفي وشاعر فارسي عاش في القرن الثالث الهجري. اشتهر بأفكاره الصوفية المتطرفة ومواقفه الجريئة التي أثارت جدلًا واسعًا في عصره
وقد اتهم بالزندقة والكفر من قبل :
ابن تيمية وابن الجوزي والحافظ الذهبي
أما فقهاء السنة الذين اعتبروه مبتدعًا وضالًا عن جادة الإسلام:
القاضي أبو بكر الباقلاني و الإمام الغزالي ،
أما بالنسبة لفقهاء الشيعة فقد كفره :
الشيخ الكليني
الشيخ الصدوق
المرتضى علم الهدى
وقد اعتبره البعض منهم مبتدعًا وضالًا عن جادة الإسلام:
الشيخ المفيد
السيد المرتضى
ابن أبي جمهور الأحسائي

أما بالنسبة للجانب المسيحي الذين قدّروا الحلاج:

المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون
المفكر اللبناني جبران خليل جبران

أما الذين شكّكوا في أفكار الحلاج:

الراهب يوحنا الدمشقي
اللاهوتي توما الأكويني
المفكر مارتن لوثر
البابا يوحنا بولس الثاني
هذا التناقض المريب لا يظهر فقط من خلال ما جمع عنه من أخبار وحكايات، فكما نعلم لم تسلم أي شخصية تاريخية من التلفيق والتزوير وبعض المبالغة ، خصوصا عند يتعلق الأمر بشخصية لها أتباع ومريدين مثل الحلاج ، لكننا وإن وضعنا كل ما روي عنه جانبا ،وقمنا بفحص نتاجه الشعري، تزداد الشكوك والغرابة ،فبين مادح لرسول الإسلام ،ومؤيد لظهور اللاهوت في الناسوت ، أستحضر هنا أبياته :

أَلا أُبلِغ أَحِبّائي بَأَنّي
رَكِبتُ البَحرَ وَاِنكَسَر السَفينَه
عَلى دينِ الصَليبِ يَكونُ مَوتي
وَلا البَطحا أُريدُ وَلا المَدينَه

لم أقرا قبلا لشاعر خاض مغامرة من هذا النوع ، مغامرة تفتح أبواب المعتقدات على مصراعيها ، وتدمج الملل فيما بينها كنسيج واحد ..
هنا اطرح سؤالي ،كيف كانت نوعية المجتمع في القرن الثالث الهجري ، ليظهر هكذا نوع من التصوف !؟
وهل لقي معارضة بسبب اعتقاده حقا
ام أن الأمر كان يتعلق بالسياسة وليس الدين..!
كما تعلمون في الأوساط المتدينة،إذا ظهر زنديق من الزنادقة داخل المجتمع فأول من يحاربه هو المجتمع نفسه ، ربما يقتلونه في احد الأسواق ،او يخنقه أحدهم وهو نائم ..
كيف وصل الأمر “بالحلاج “الى مقصلة الصلب ونكل به بتلك الطريقة البشعة..
وكيف كان يتنقل بين البلدان بتلك الأريحية ويقيم بينهم ،بل ويجمع حوله المحبين..؟
هل كان الحلاج الشاعر الوحيد في عصره ،ألم يتحدث ولو شاعر واحد عن الحلاج ..
ام أن الشعراء الذين عاصروه كانوا معظمهم يتبعون البلاط والسلطة ..
الحلاج ليس شهيد العشق الإلهي ،إنما هو شهيد الثورة السياسية وهذا ما تم تغيبه في الأخبار التي نقلت عنه..
ويظهر ذلك الجانب في تلونه وتنكره داخل الأوساط التي كان يشد الرحال إليها ، وهذا التخفي شمل أحوال وأقوال غامضة توارت حقيقتها حتى عن أهل بيته؛ يقول ابنه حمد بن الحلاج: “ثم دعا الناس لشيء لم أقف على حقيقة أمره”
وأنت تبحث عن الحلاج كأنك تفتش عن شخصية داخل المخابرات السرية لإحدى الدول ، طلاسم وغرائب لا حصر لها ..
ذكرتني شخصيته بشخصية رأفت الهجان في المسلسل العربي الذي يحمل نفس الإسم ، كان رأفت هذا يعمل لصالح المخابرات المصرية ، لكن الصهاينة يعتقدون أنه واحد منهم،كيف يمكننا الجزم ونحن نقرأ سيرة الحلاج ! إذا كان كل طرف من الأطراف يجره نحوه أو يلقيه في غيابات الجب تلتقطه أطراف أخرى وتستعمله لمصالحها الخاصة ..

في الأخير

لم يكن الحلاج شخصية عادية أبدا ،ولن يكرر التاريخ مثلها “شاعر يتمنى الموت على الصليب، يقول أعظم قصيدة مدح في نبي صل الله عليه وسلم..”

يقول الحلاج في مدح النبي

هجرت فى حُبِّكم يا سادتى ناسى
ولامنى فى هواكم كل جلاسى
من بعد ما ابصرونى عند بابكم
عبدا حبست على سقياكمُ كاسى
وما دروا انه لولا تفضلكم
لما أذنتم بقرب الباب اجلاسى
وان غيرى كثير زار حيكمُ
فحيل عنكم بحجاب وحراس
كم حال دون مسيرى نحوكم حجج
من الهوى واكاذيب من الناس
فلم يزل صدقكم يهوي بها كسفا
حتى بصرت بعين العجز إفلاسي
ويعلم الله ان العذر منقطع
قد أخرسته الخطايا كل إخراس
ولست أعرضه يا سادتى لكم
الا كما يشتكى المأسو للاسي

2

الكاتبة سلوى ادريسي والي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *