التوقعات رهان خاسر

التوقع هو الوجه الآخر لحدة الصدمات التي نتعرض لها ..
عندما تتوقع أن شريك حياته إنسان صادق أو خلوق،وتكتشف أن ذلك الأمر لم يكن بتلك الصورة التي نتجت عن توقعاتك الشخصية ،لذلك غالبا ما يستغرب الطرف الآخر من الحدة التي تتعامل معه بها عندما تكتشف غير ذلك ،لأن الفعل بالنسبة له طبيعي أو ربما ليس بذلك السوء،وهنا تكثر المشاكل والصراعات…
عندما تتوقع حدوث الخير ويتحدث العكس ،ترتبك بل قد تفقد إيمانك بالخير نفسه ،وكذلك عندما تتوقع الشر ويقع الخير ،فإن فرحتك ستكون مضاعفة لامحالة، ليس بسبب الخير لنفسه بل بسبب التوقع المعكوس..في بعض الأحيان يتجه بعض الأشخاص الى نمط سلوكي بسبب التوقعات المعكوسة ،فيصبح من عاداته أن يفكر في الشيء السلبي كي يحدث العكس ، (يقول : أنا أتوقع حدوث الشر كي يحدث الخير) كأنه أصبح يؤمن بالتوقعات المعكوسة أكثر من إيمانه بالخير والشر نفسه)
وهناك نوع آخر أكثر تفاؤلا ،يقول : (أتوقع الخير كي يحدث الخير،مثل هذه المنهجية غالبا ما تصطدم بحدوث العكس ،لأن الخير والشر شيئان حتميان في هذه الحياة..
أما تلك الحكمة التي تقول : تفاءلوا بالخير تجدوه” ،هي مجرد كلمات حنونة تدعم اليائسين ، لأننا مهما تفاءلنا ،لابد أن نعيش بعض الخيبات ،وربما كان من الأجدر القول ” تفاءلوا أثناء المصائب فإنها زائلة “
إن التوقع قد يحول حياتك الى جحيم ،” أتوقع أن يزورني صديق أثناء مرضي،أتوقع أن أحضى بهدية عيد الحب، أتوقع أن يبتسم حبيبي عندما يراني،أتوقع أن يفرح والدي بقومي الى منزله مع أطفالي، أتوقع أن أقبل في الوظيفة ،أتوقع أن يعجب الناس بأفكاري،هل لاحظتم أن كل هذه الأمثل عن التوقعات تنتهي بيضاء المتكلم،وبالتالي فهي لا تعني بأي شكل من الأشكال المخاطب ،لأن للآخر رأس منفصل عن رأسك ،وعقل يسبح غالبا في الإتجاه المعاكس لعقلك..
كيف لنا أن نلزم شخص تعود على الكذب بتوقعاتنا عن الصدق
كيف لنا أن نلزم جبانا بتوقعاتنا عن الشجاعة ..
كيف لنا أن نلزم إنسانا نرجسيا بتوقعاتنا عن العطاء
كل ما ذكرته يمكن ان نعكسه على حسب طريقة تفكرينا ونظرتنا للحياة بصفة عامة..
كان نطلب من الكاذب أن يتوقع أن هناك إنسانا صادقا في هذه الحياة الدنيا،أو نلزم الخائف أن يتوقع أمانا في مكان ما..
نحن للأسف رهائن توقعاتنا ، ماذا لو تعاملنا مع الآخرين دون توقعات ،دع الآخر يعبر عن نفسه ،ويظهر نفسه بعيدا عن مخيلتك وأفكارك عنه، دع الآخر يكون كما هو ظاهريا دون التوغل في ما وراء ذلك ، دعه يعبر عن الخير والشر دون تدخل منك ،دعه يزن الكفه بنفسه ،دعه يرجح كفة الخير أو كفة الشر ، أنت فقط راقب النتائج الظاهرة ،ومن خلالها فقط يمكنك الحكم عليه ..دون أي صدام أو تنافر..
بالنسبة لي، الإنسان كثير الأقنعة ،ومع هكذا مخلوق من المستحيل توقع ما يمكن أن يكون ذلك القابع خلف الأقنعة ..

الكاتبة سلوى ادريسي والي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *