هُو يُجَرِّدُ كَينونَتي بِكَفِّ الْعَبَثِ،وَأَنَا أُوْغِلُ فِي مُناوَشَةِ الْمَدَى وَمُنَاجَاةِ غُبَارُ الطَّلّ!
سَأرْسُمُ خَطًا وَأَمْشِي عَلَيْهِ،وَأَرَانِي فِي ظِلِّ خُطُواتي،لَنْ أرْسُمَ مُفْتَرَقِ طَرِيقٍ فَأضيعُ مِنِّي،وَتَفِرُّ ظُنوني.
سَأُرَتِّبُ الْمَسَافَات تَرْتِيبًا تَصاعُديًا،كَيْ لَا تحْجبَ خُطُوطُ الطُّولِ وَالْعَرْضِ ثَنِيَّة أكْتافي!
وَمِن حَيْثُمَا هَبَّتْ الرِّيحُ،لَنْ يَتَحَرَّكَ الزَّمَنُ مِنْ دُونِي،وَلَنْ يُجْبَرُ عَلَى التَّفْسِيرِ حِينَ يَنْظُرُ فِي الْبَقَاء أَوْ الْخُرُوجَ مِنِّي!
عِنْدَمَا تَتَأَلَّمْ،تُهَاجِمُ أَلَمِكَ لِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ،تُسَرِّحُ شَعْرَهُ بِمِشْطِ الْأُبُوَّةِ وَكَأَنَّهُ ابْنِكَ الْوَحِيدِ،وَلَا تَجْرُؤُ عَلَى ارْتِكَابِ الْأُبُوَّةِ ثَانِيَةً.
لَا تَسْتَطِيعَ أَنْ تَفْعَلَ كَمَا يَفْعَلُ الْمُجْرِمُونَ،أَنْ تَتَأَلَّمْ وَتَأْكُل أَلَمِكَ وَتَعَضُّ عَلَى بَنَانِهِ مَرَّاتٍ وَمَرَّاتٍ دُونَ اعْتِرَاضٍ.
وَهَلْ بِاسْتِطَاعَتِكَ الإعْتِرَاض؟ وَحَبْلٌ سِرِّيٌ يَشُدُّ نَسِيجَهُ حَوْلَ مَا يَشَاء وَكَيْفَمَا يَشَاء.
لَو نَضَعُ لِلْأَمْرِ تَسْمِيَةً،وَنُؤاخِذُهُ عَلَى الْفِعْلِ!
لَوْ لَا نُنَاقِشهُ وَلَا نَعْلَمُ يَمِينِهِ مِنْ يَسَارِهِ،وَنَتَكَلَّم لِدَقيقَتَيْنِ مَعَهُ،نَأْخُذُ تَوْقِيعهُ وَنَتَسَاءل هَلْ تَكَلَّمْ؟
وَحَتَّى يَعُودَ إلَى وَعْيِهِ،سَيَبْقَى دَاخِلَ آَلَمِهِ حَسبَ ظَنِّهِ،يُفَكِّرُ مُتَسَائِلًا كَمْ سَيَصْمتُ بَعْدُ؟
كَأَنَّهُ يَنْفَعْ!
أَنْ تَقْطَعَ وَعْدًا وَلَا تَفِ بِهِ،وَتَقُولُ لَهُ سَأتَّصِلُ بِكَ!
وَحَتَّى تَتَخَلَّصَ مِنْ كُلِّ صَمْتِكَ،لَن تَخْرُجْ مِنْ ذَلِكَ الْفَرَاغِ،وَتَفْهَمَ مَعْنَى الْأَلَمِ.
كُنْتُ أُمْسِكُ ظِلِّي بِصُعُوبَةٍ،وَهَا هُوَ الْآنَ يَطِير!
يَطِيرُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ وَبِدُونِ جَنَاحَيْنِ!
وَحِينَ بِاسْتِمْرَارٍ أرْفُضَهُ يَنْتابهُ الْفُضُول،وَلَا يَكُونُ لَدَيْهِ خَيَار آخَرَ وَلَا يَسْتَطِيعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَا أفْعَلُهُ!
هُوَ يَغْضَبُ وَأَنَا اِسْتَمْتِعُ،وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ يُرْسِلُ أَحَدَهُم حُجَّةً وَلَا يَقْتَرِبْ!
الكاتبة تغريد بومرعي