ورقة ذكريات…!! للكاتب عبد السلام العابد

_

أستطيع القول بأن علاقتي مع المدرسة كانت طوال المراحل الدراسية متينة وحميمة ودافئة ، باستثناء بعض الأوقات القليلة التي كنت أعوف فيها الدوام المدرسي ، وأشعر بالخوف والتوتر والقلق ؛ بسبب بعض الطرق التربوية القاسية وغير السليمة، أو الشجارات التي كانت تحصل مع الطلبة بين الحين والآخر.


كم كان يسعدني أن أرى معلمي المدرسة عائدين إلى الدوام ، في نهاية العطلة الصيفية..!! . كنت أراقبهم ، وأنا أعمل في الحقل ، فأتكيء على الطورية ، وأنظر إليهم ، وهم يعبرون الشارع الرئيس المؤدي إلى المدرسة ، فأقول في نفسي: يا سلام، قرّبت المدرسة..!!. غدا، سيتم تقديم امتحانات الإكمال ، وبعد أيام قليلة ستفتح مدرستنا الحبيبة أبوابها.


كنت أتخيّل في ذهني أن مدرستنا تكون مكتئبة حزينة على فراقنا، طوال عطلة الصيف ، المقاعد ، والجدران، والنوافذ والسبّورة، والساحات، والحديقة وزهورها وورودها. وكنت أعتقد جازما أنها تفرح عندما تستقبل الطلبة والمعلمين في بداية العام الدراسي الجديد.
اليوم الدراسي الأول يكون متميزا في العادة. الطلبة يرتدون ملابس جديدة ، ويسلمون على معلميهم وزملائهم ، ويستعدون لاستلام كتبهم الجديدة.
ما زلت أتذكر انتظاري ولهفتي، لاستلام واحتضان كتبي ، وكم كنت أمنّي نفسي، بأن يكون عدد الكتب الجديدة أكثر من القديمة.


وكنا نعود فرحين إلى بيوتنا، محتضنين كتبنا التي نعمد إلى تجليدها وكتابة أسمائنا على أغلفتها.
ومن الأنشطة التي كنا نمارسها في صباح كل يوم نشاط الطابور الصباحي الذي يتطلب الحضور في الموعد المحدد ، قبل أن يرن الجرس ، والوقوف في صفوف منتظمة ، وأداء تمارين رياضية صباحية، والدخول إلى الفصول ، ولم يكن مسموحا لنا بعزف النشيد الوطني؛ بسبب الاحتلال الذي كان يمنع تنظيم مثل هذه الأنشطة .


وذات يوم دراسي تفاجأ الطلبة باقتحام جنود الاحتلال حرم المدرسة، وتعريض المدير والمعلمين والطلبة، للتحقيق حول موضوع رفع العلم ، وكتابة المنشورات الوطنية التي كانت ملتصقة على جدران المدرسة.
ومن الأنشطة التي كانت تحبّب المدرسة لنا ، وتجعلنا نتلهف للحضور لها ، في وقت مبكر المباريات الرياضية التي كان يرعاها و يشارك فيها المعلمون مع الطلاب. فقد كانت مباراة كرة الطائرة تبدأ عادة عند السابعة صباحا، وتنتهي قبل قرع الجرس بقليل. كنا نتحلق حول الملعب، ونتابع المباراة بحيوية وشوق وحماسة وابتهاج.

الكاتب عبد السلام العابد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *