في الثالثة من فجر ٢٧ / ٥ / ٢٠٢٤ أصحو من النوم وأقلب صفحات التواصل الاجتماعي . أقرأ خبرا مضى على كتابته خمس ساعات :
” بلغ عدد أقمار رفح 60 حتى الآن “
أقلب الصفحات فأرى السواد . شريط فيديو يحتوي على مشاهد صادمة لا يسمح لك بمشاهدته إلا إن وافقت . ” الفيديو يحتوي على مشاهد صادمة ” ، وماذا يمكن أن تكون ؟
جيش الاحتلال الإسرائيلي يحرق منطقة البركسات التي فيها خيام نازحين . الحرائق تشتعل في الخيام وجثث المحروقين تسحب . كانت المرأة تهييء الفراش لنوم أطفالها فاحترقوا ومات طفلها ، والرجل التفت إلى قدمه وقد طارت . وبعض الرجال والشباب ينقذون من تبقى حيا مشوها .
” الله يرحمه ” قال رجل حين شاهد آخر يسحب جثة رجل ارتقى .
مساء أمس كتبت عن عودة روح السخرية إلى كتابات بعض نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي ، وكان السبب عملية مخيم جباليا ، وصباح اليوم أقرأ لساخر أمس كتابة حزينة يتمنى فيها من الله أن يعجل بالقيامة ، وينشد صاروخا مدمرا لا يبقي ولا يذر ، ويشتم العالم العربي الصامت مقتبسا سطرين من أغنية جوليا بطرس ” وين الملايين ” . هل هناك نخوة عرفها العرب . ماتت فينا النخوة . تقول كلمات الأغنية وتقول أيضا إن العرب نسوا أنهم إخوة . أحلام وأمنيات ورغبات وما شابه .
فجر اليوم أصحو على صوت المؤذن يؤذن لصلاة الفجر . يتلو آيات قرآنية ، ثم يسبح لله .
هل أخطأ مظفر النواب حين قال :
” إن كنيسة شربل تحرق أطفالا ؟”
إن حرق خيام النازحين الفلسطينيين في رفح تم بموافقة ( جو بايدن ) الرئيس الأمريكي الصهيوني .
ويبدو أن تضمين الكتابة أسطرا شعرية من قصيدة النواب ” تل الزعتر ” لا يكفي .
النار تشتعل في الخيام والجثث تحرق . لقد جعلوا من خيام النازحين غرف نار أشبه بغرف الغاز التي أعدها النازي ( أدولف هتلر ) لحرق أجدادهم .
” متى تقوم القيامة ؟ ” تساءل مواطن غزاوي .
رحم الله الشاعر يوسف الخطيب ابن دورا الذي كتب ” رأيت الله في غزة ؟ ” .
هل أقتبس في هذه الساعة ما أورده غسان كنفاني في إحدى قصصه القصيرة التي صورت خروج والده من عكا في العام ١٩٤٨ ؟
اللحظة غير مناسبة للاقتباس ، فمؤذن الفجر يؤذن للصلاة وأنا أخربش ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
صباح الخير يا رفح إن كان هناك خير . لقد فقدت الكلمات مضامينها وصارت خواء مثل أرواحنا ، والنكبة مستمرة من أيار ١٩٤٨ إلى أيار ٢٠٢٤ ، والقادم أخطر .
أ. د. عادل الأسطة