لمن نكتب؟! للكاتب الهادي خليفة الصويعي

الكتابة هي المعاناة الغير منظورة والغير مقدرة في هذا الزمن..
والكاتب هو الشخص الغريب في المجتمع، خاصة بعض مجتمعاتنا العربية، فمهنة الكتابة يراها أغلب الناس في يومنا هذا مهنة زائدة، أو كما يقولون..صنعة الذي ما عنده صنعة..وكثيرا ما أسمع ممن يعلمون أنني أمارس مهنة الكتابة جملة..فاضي الى هذه الدرجة..
لهذا نحن نعاني من مشاكل لا حصر لها في المجتمع نتيجة لهذا الحكم الجائر على هذه المهنة العظيمة..


و الكاتب رغم معاناته نتيجة ما يكتب يتحمل كل تلك المعاناة بصدر رحب عندما يجد أن لكلماته صدىء في عقول الأخرين..
ولكن تلك المعاناة تتحول الى كابوس يقض مضجعه عندما يجد نفسه كمن يحرث في البحر..
وهذا ما وجدت نفسي، فأنا أحرث في بحر محيط..
كتبنا عن الوطن، فضاع الوطن ولم تجد كلماتنا أذان صاغية..
وكتبنا عن معاناة إخواننا في غزة من أنه أهون الجهاد فإذا بنا نسمع إنتقادات لا حصر لها، فمن قائل يقول..ما نفع كلماتك..الى أخر يقول: الذنب ذنب حماس..وشر البلية أن هناك من يعطي الصهاينة الحق في جرائمهم ويبتسم بكل صفاقة ويقول: الباديء أظلم..
وكتبنا عن التراث وما يخالطه من دس و وضع، فإذا بنا نرى من يتجرأ على الصحابة والتابعين والعلماء، وينعتهم بنعوت ما أنزل الله بها من سلطان..
وكتبنا عن الفساد المستشري في مؤسساتنا فإذا بنا نتلقى لطمات موجعة بقول من يقول: وهل تستطيع أن تغير شيء..


وكتبنا عن العمالة والخيانة وغيرها من المثالب، فإذا بالبعض يطبل لها ويزمر، ويتمنى بل ويدعو أن يرزقنا الله بإستعمار..
وكتبنا عن التدخل الأجنبي وأنه صراع مصالح على حساب أرواحنا وأراضينا وثرواتنا، فإذا بني جلدتنا يكبلوننا ويسلموننا لمن يتدخل في شئوننا..
وكتبنا عن الآلهة التي نصبوها لنا لتقودنا الى الهاوية، فإذا بنا نسمع التقريع بأننا دعاة فتنة وأننا ضد الدين بالدعوة للخروج على أولياء الأمر..
وكتبنا عن العار الذي سيلحقنا نتيجة صمتنا وركوننا الى الأرض، وموالاتنا لأعداء الله، فتم إتهامنا بأننا دعاة حرب ودمار..
وكتبنا عن الموت بشرف، فإذا بالمتشبثين بالحياة يسوقون لبيع كل شيء في سبيل كأس ذل يتجرعونها..
وكتبنا..وكتبنا..الى أن تجاوزنا المائة مكتوب والى الأن ما أحد جاوبنا..
فشكرا لك فيروز فقد تنبهت لهذا الأمر مبكرا.


الكاتب الهادي خليفة الصويعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *