الحادث الاليم الذي وقع عصر الامس في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري المحتل،والذي نفى حزب الله مسؤوليته عنه،بينما اصر ويصر الجانب “الاسرائيلي” في تحميل الحزب المسؤولية الكاملة عليه،وانطلاق المشاورات بين رئيس حكومة الاحتلال ــ الذي طار مبكرا عائدا من الولايات المتحدة ــ ومساعدة وأجهزته الامنية بشأن ” الرد” على هذه الحادثة،وسيناريوهات الرد التي ستبحث موسعا ظهر اليوم الاحد وبعد فيما يسمى ” الكابينت الاسرائيلي” بعد وصول نتنياهو من الولايات المتحدة الرد على الحادث،بوسائل وبطرقه وصفها المسؤولون الاسرائيليون بالقوية دون السماح للوصول لحرب شاملة،فيما صرح نتنياهو ان “حزب الله سيدفع ثمنا باهظا لم يدفعه من قبل”.
كل هذه التطورات الدراماتيكية التي تنتظر تطور الاحداث خلال الساعات القادمة تنذر برد “اسرائيليّ” واسع،لكنه قد يكون محدودا،حسب رغبة حكومة الاحتلال،والتي ارسلت خلال تصريحات موجهه رسائل شفوية تتمنى على المقاومة اللبنانية “استيعاب” الضربة،وعدم الرد على الرد،في رهان على انها لا تريد الحرب الواسعة،وايضا حزب الله لا يريد الحرب الواسعة والمفتوحة،طبعا هذا الرهان خاسر ولن يكون موفقا،لان اسرائيل ممكن ان تبدأ ضربات واسعة،لكن حتما الرد من قبل المقاومة لن يتأخر وسيكون بحجم أو اعلى من الضربات الاسرائيلية،وهنا ستدخل المنطقة في رد ورد اقوى من قبل الطرفين الامر الذي ستفلت معه الامور الى درجة فقدان السيطرة،فحزب الله لن يقبل ابدا في قتل قصفه وقصف ابناء الشعب اللبناني وتدمير بعضا من بنية لبنان التحتية دون ردود بالمثل،او اعلى منها درجة ،ولن يقبل بكسر حالة الاشتباك وتوسيعها دون ان يعتمد في رده على شعاع اوسع يؤثر خلاله على قسم واسع من العمق “الاسرائيلي” بشكل ربما يفاجأ الجانب الاسرائيلي وبالتالي تتدحرج الامور لحرب شاملة على عكس رغبة الطرفين،ومن غير المستبعد أن تصل الامور لحرب اقليمية شاملة تعكس نتيجتها التي وحسب المعطيات لن تكون لصالح اسرائيل،تعكس وضوح الرؤيا في المنطقة،وتقود حكومة الاحتلال وجيشها المنهك المتعب الى هزيمة جديدة تضطر على اثرها للتراجع عن كل صلفها وعنجهيتها وترضخ بالشروط التي تفرضها المقاومة سواء في غزة او في جنوب لبنان او اليمن.
فمن يقول ان المنطقة تستطيع أن تتحكم بمجريات مواجهة منضبة بين المقاومة اللبنانية وحلفائها و”اسرائيل” فهو قطعا مخطأ،وحالة الاندفاع والاضطراب التي لا زالت تحكم عقلية حكومة الاحتلال المتطرفة والمجنونة ستدخل نفسها في الحائط،بعد ان تتحطم عجلتها المتهورة وتسقط مغشيا عليها.
والسبب أن كلا المتواجهين ،حزب الله و”اسرائيل”،لدى كل منهما عداوه مطلقة،فحزب الله سيف مسلط على رقبة اسرائيل وحليف،وقدم متقدمة لألد اعداء اسرائيل وهي ايران،بالمقابل ” اسرائيل” تعلم ان هذا الحزب هو الكابوس المتنامي الذي يؤرقها ويهدد وجودها بشكل متعاظم يوما بعد يوم،والذي لا يمكن معه التحدث عن هدوء او سلام او تعايش،وان الصدام معه حتميّ،وما منع ” اسرائيل” لغاية الان للمبادرة في حربه هو خوفها من نتائج تلك الحرب،فقد وصل تعاظم حزب الله درجة جعل “اسرائيل” تخاف على نفسها من البقاء إذا ما تم الاصطدام معه.
إن اقدام ” اسرائيل” على تنفيذ عملية عسكرية ضد حزب الله او لبنان مغامرة وجنون كبير،ووضع حدود لهذه العملية والاكتفاء بتحديد زمانها وجغرافيتها ضرب من الخيال،فإن بدأت،فسيكون توسعها وانتشارها على نطاق لا يمكن السيطرة عليه او التحكم به،و سيغرق حلم حكومة الاحتلال،ويضيف ضربة شديدة على رؤوسهم،وسيكون الثمن تحطيم جزء مهم من اركان قوتها،الامر الذي سيُعجِّل استراتيجيا في مسألة بقائها في المنطقة،بل وربما زوالها والي الابد.
الكاتب والباحث عصري فياض