ماهَمّني لو طالَ شَوطُكَ يا قَدَرْ
أنا شاعِرٌ نَحَتَ الإرادَةَ في الصَّخَرْ
وأسَالَ من بَينِ الصُّخورِ قَصيدَة
نُقِشَت على الأبوابِ تخَتَرِقُ السِّيَرْ
أنا كَالنّبِيِ على الاوادِمِ لو تَلى
ما نَبَّئتهُ التائِهاتُ مِنَ الخَطَرْ
أنا مُرسَلٌ في الشَّعرِ جاءَ مُحَذَّرًا
والحورُ تَكتُبُ ما أُسَطَّرُ من دُرَرْ
ما جِئتُ إلاّ وانتَظرتُ مُطَوَّلا
فَبِساعَتي الأميالُ تَستِرِقُ النَّظَرْ
عن طِفلَةٍ شَهباء مثلُ فَراشَةٍ
كالدُّرًةِ البَيضاءِ أنوَرُ من قَمَرْ
مَشفى (الحَكيمِ) فِراشُها ومَبيتُها١
غَدَروا بها واللهُ يَعلَمُ من غَدَرْ
**************
ما هَمّني لو فاضَ ماؤُكَ يا نَهَرْ
أنا مُزنَةٌ هَطَلَت ويَعشَقُني البَحَرْ
أنا دَيمَةُ الحَنّانِ فوقَ عِبادِهِ
ما ضَرَّهُ العَبدُ المُشَكَّكُ لو كَفَرْ
أُعطي بِلا مَنٍّ وأجزِلُ كُلَّما
أُعطي أُعَوَّضُ من تَلَوَّعَ أو خَسَرْ
عندي وَفاءٌ لا نَظيرَ شَبيهُهُ
قلبي حنونٌ لا تُغَيَّرُهُ الفِكَرْ
أنا غايَةُ الأمَلِ العَطوفِ على الذي……
إن جَنَّ ليلٌ في الخَرابَةِ قد سَكَرْ
خَطَفَ البُراقُ سَعادَتي هل مُنقِذٌ؟
يأتي ويُرجِعُ للمَشاعِرِ من أثَرْ
أنا تائِهٌ ما زِال غَيهَبُ قارِبي…
حَيرانُ في طُرُقِ الغَرابَةِ يا نَهَرْ
***************
أرجِع إلَيَّ البَوصَلاتُ فَإننَّي ..
ما عُدتُ أعرِفُ ما الإقامَةُ يا سَفَرْ
قد شُلَّ عقلي فاتَكَأتُ على العَصا
والمارِدُ الجَبّارُ قافِيَتي كَسَرْ
رُغمَ الثَّقافَةِ والإناقَةِ صِرتُ كَالـ
ــمَجنونِ في الطُرُقاتِ عَذّبَني السَهَرْ
أصحو على دِيكِ البَرابِرِ هَزّني
في الفَجرِ أوقَظَ في المَآذِنِ ألفُ شَرْ
يا دِيكُ فارفِقْ لاتُعَكَّر يائِسًا…
مانامَ إلاّ والدَّقائِقُ في كَدَرْ
أتُراكَ تَجهَلُ ما النُّعاسُ وما الدجى؟
يا صاحِبي . والنائِباتُ وما الضَّجَرْ
أتُراكَ تَعلَمُ ما العَذابُ وما النّوى؟….
إن ناحَ في العودِ الحَزينِ أسى الوَتَرْ
************
وَيَظَلُّ يَعزِفُ في الرَّبابَة عازِفٌ
مِنّي قَريبٌ راحَ يَشخَرُ من قَهَرْ
البَردُ آذاني فَقُمتُ مُؤَذِّنًا
فوقَ الأرائِكِ للحَمائِمِ والشَّجَرْ
والبُلبلُ المسجونُ ساءلَ خاطِري…
ماذا استَفدتَ مِنَ القَصائِدِ والبَطَرْ؟
النَّومُ عادان وَجَرَّ وِسادَتي …
وأنا أتوقُ إلى التَّعانُقِ والحَذَرْ
الذَّئبُ نامَ على ذِراعيَ حُلمُهُ…
إن يَسرِقَ الكَلِماتِ فانتَبهَ الخَفَرْ
إذ إنَّهُ عَسَسٌ يُريدُ حِمايَتي
من مُعضِلاتِ الكَونِ والدُنيا عِبَرْ
أنا غارِقٌ في اليَمَّ كَيف تَذُلُّني ….
في المَطلَعِ المجدافُ مُشكِلةُ القَدَرْ
***************
جَدِّف ..وَرَبُّكَ ما استَطعتَ مَذَلّتي…
حّتّى وإن رَكِبَ الحِمارُ على الخفر
أوَ يَقدِرُ الرُّبانُ زَحفَ سَفينَةٍ…
جبريلُ بانيها وَرَبُّكَ من سَتَرْ
ميكالُ أعطاها الدُّليل خَريطَة…
والبَيتُ يحميها المَكارِهُ والحُفَرْ
جَرَّب . فَقبلكُ حاوَلوا ما أفلَحوا ….
ثَقبَ الإرادَةِ من تَطَيَّرَني خَسَرْ
قد رَدّ كالخَسرانِ يَلتَحِفُ السَّما….
غَطّى على بُطلانِ مَزعَمِهِ حَجَرْ
يأوي إلى السُّحارِ ظَنُّ مُرادِهِ……
يلوي ذِراعيْ جَعلَ مُبتَدَئيِ خَبَرْ
أنا شاعِرٌ ما زِلتُ أكتُبُ هادِمًا.
للصَعبِ بارَزَ في مَواهِبهِ القَدَرْ
***************
قَدَرٌ أنا كَيفَ استَحلتُ جَنازَةً؟
القبرُ يَسأَلُني وجاوَبَهُ المَطَرْ
كَفَني قَصيدٌ فارِسٌ مُتَمَرَّدٌ
قد جابَ في البَيداءِ مَكرُكَ يا دَهَرْ
قد حاوَرَ الأشلاءَ ساعَةَ لَمَّها…
وتَهَيَّأَ التّابوتُ يَحفِرُ في الأُبَرْ..
قبري تَضايَقَ من مُسائَلَتي فما….
لَقِيَ الإجابَةُ في مُلَحَّدِهِ سَقَرْ
قبري سَرابٌ في قصيدٍ ضائِعٍ ….
والخَوفُ إن طالَ البِعادُ على السَفَرْ؟
الشاعر شاكر فريد