قصة قصيرة”أنا والعجوز” للكاتب صلاح الورتاني

قبل صلاة الفجر بقليل سمعت صوتا ينبعث قريبا من نافذتي. في البداية ترددت ثم فتحت وإذا بي أشاهد عجوزا طاعنة في السن تجمع القوارير البلاستيكية وقبل وضعها في سلتها تكسرها بيديها لذلك تحدث نوعا من الضجيج المقلق.
توضأت وخرجت للمسجد القريب من منزلنا ببضعة أمتار. إقتربت من تلك العجوز أسألها : هل أنت المعيل الوحيد لأسرتك ؟ نعم يا ولدي، زوجي متوفي ولي ولد وبنت يدرسان، واجبي أصرف عليهما مع دفع معلوم الكراء. مضطرة لتوفير لقمة العيش والإيجار. علي أن أعمل طول اليوم. وبعد أن أفرغ من جمع هذه القوارير أذهب لمنزل فاخر لأحد تجار الحي أنظف المنزل وأغسل أواني المطبخ مع الطبخ.
في المساء أعود منهكة القوى. أرتاح قليلا لأتفرغ لإعداد العشاء.
تلك هي حياتي المضنية يا ولدي..


ناولتها قليلا من المال مما كان في جيبى فأقسمت أن لا تأخذ مني مليما لأنها لن تطلب ذلك إلا من ربها. عندها وقفت واجما لا أقدر على الكلام وعدت لأتأمل في هذه العجوز التي تعطينا دروسا في عزة النفس وكرامتها.
يا ليتنا نتعلم منها هي وغيرها من الكادحات مثل هذه الدروس في النخوة والشهامة..
وقس بهذا على أوطاننا التي تزخر بخيرات الأرض وطاقات شبابها ومع ذلك فهي تطلب العون من الصناديق المالية الغربية لسد عجز ميزانيتها.


ليتنا نعول على أنفسنا ونعيد خيراتنا لنا ممن سلبوها منا غدرا وزورا ونعمل بإخلاص وتفان نبني ونزرع ونصنع وننحت كياننا حتى نصير أقوياء ونقهر أعداءنا ونقول للعالم نحن شعوب تمرض ولا تموت تنام وتصحو سريعا من غفوتها لتعيد أمجادها وتعيش في رغد عيش..


الكاتب صلاح الورتاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *