والحمير… ل د. أحمد مصطفى

ورد ذكر الحمار في القرآن الكريم في خمسة مواطن باسمه المعروف به مفرداً في أربعة مواطن ومجموعاً في موطن واحد.

1-“… وَانْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ…”

  وانظر إلى حمارك الميت، ولنجعلك علامة بينة للناس دالة على قدرة الله على بعثهم، فانظر إلى عظام حمارك التي تفرقت وتباعدت، كيف نرفعها ونضم بعضها إلى بعض، ثم نكسوها بعد ذلك اللحم، ونعيد فيها الحياة، فلما رأى ذلك تبين له حقيقة الأمر، وعلم قدرة الله، فقال معترفًا بذلك: أعلم أن الله على كل شيء قدير.

2-“.. وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا..” وخلق الله لكم الخيل والبغال والحمير لكي تركبوها، وتحملوا عليها أمتعتكم.

3-“….إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” إن أقبح الأصوات لصوت الحمير لارتفاع أصواتها

4-“….كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ..” مثل اليهود الذين كُلِّفوا القيام بما في التوراة فتركوا ما كُلِّفوا به، كمثل الحمار يحمل الكتب الكبيرة، لا يدري ما حُمِل عليه: أهو كتبٌ أم غيرها؟ 

5-” كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ” كأنهم في إعراضهم ونفورهم منه حُمُر وَحْش شديدة النفور..

  وفي تفسيره لقوله تعالى:”….إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ” قال  الشيخ الشعراوي – رحمه الله-: ” إن الناس يظلمون الحمير بهذه الآية وهو الدابة الوحيدة التي قيل فيها:

“ولايقوم على ضيم يراد به      إلا الأذلان عير الحي والوتدُ

هذا على الخصف مربوط برمته وذا يشد فلايرسي له أحدُ”

كما أن الحمار يحمل السباخ والقاذورات، ويكون ركوبة لصاحبه، وقالوا إن جسم الحمار ليس كجسم الجمل، ممكن أن يسير ليأكل أي خضار، ويمكن أن يدل صاحبه على مكانه حين ينهق. فالآية يجب أن تفهم إن أنكر الأصوات لصوت الحمير…وليس من الحمير، فإذا علا صوتك فأنت تنهق كالحمار ونهيق  الحمال كمال وصوتك مثله مذموم فيك.. وقوله تعالى: ” كمثل الحمار يحمل أسفارا..”  ليس ذما للحمار لأن الله خلقه لمهمة يؤديها، والجمل إن زاد عليه الحمل يتضجر بخلاف الحمار، وإذا مر بماء ينظر إذا كان في إمكانه أن يقفز أم لا، فإن وجد عجزا تراجع، وإذا نهق فإنه رأى شيطانا، ولما حدث زلزال (أغادير) كل الحمير قطعت حبلها قبل الزلزال بنصف ساعة، وإذا ذهب لمكان مرة، يمكن أن يعرفه دون أن ينساه ؛ لأنه يسير الخطوة على الخطوة، وكم من حمير أوصلت راكبيها الذين اصابهم الأعداء لبيوتهم”.

ومن تواضعه –صلى الله عليه وسلم- أنه يشرع تسمية الدواب، وأن اسم حماره –صلى الله عليه وسلم- (عفير) ويقال له: (يعفور)، وقيل هو غيره والله أعلم.

وعن أنس بن مالك-رضي الله عنه- قال: قيل للنبي -صلى الله عليه وسلم-: لو أتيت عبد الله بن أبي.
قال: فانطلق إليه، وركب حماراً، وانطلق المسلمون – وهي أرض سبخة- فلما أتاه النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إليك عني، فوالله لقد آذاني نتن حمارك !فقال رجل من الأنصار: والله لحمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحا منك،  فغضب لعبد الله رجل من قومه، وغضب لكل واحد منهما أصحابه. فكان بينهم ضرب بالجريد وبالأيدي وبالنعال.  رواه البخاري(2/958رقم2545) ومسلم(3/1424رقم1799) في صحيحيهما.

فالحمار خلق من خلق الله، خلقه الله لحكم وفوائد، وقد تميز عن غيره بمزايا سواء كانت الميزة في الحسن أو القبح. والحمار –كغيره من المخلوقات- يسبح بحمد الله، ويعبده ؛ فطرة وخلقة والحمار – كغيره من الأنعام والبهائم- فيه شبه من الإنسان في الخلقة، وقد تميز بأشياء عن الإنسان مع أن الإنسان في درجة لا يبلغها شيء من المخلوقات الأرضية، فقد ميزه الله بالعقل والفهم، وميز الله الإنسان بحسن الصورة والخلقة، وغير ذلك من ميزات الإنسان.

إن الحمار له بصر كالإنسان بل قد تميز بأنه يرى الجن والشيطان بخلاف الإنسان حيث إنه لا يرى الجن والشيطان.. قال –صلى الله عليه وسلم-: ” إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا، وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنه رأى شيطانا”.رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه-
 والحمار له سمع كالإنسان بل قد تميز بأنه يسمع أصوات المعذبين من أهل القبور، وكذلك الحمار له أنف، وله يدان، ورجلان، ورأس، وظهر، وبطن، ويأكل ويشرب، ويحس، وينام ويصحوا، ويفرق في طعامه بين ما يصلح له أو لا يصلح بفطرته التي فطره الله عليها.

ومن الطرائف التي تذكر عن الحمير أنها تحش من الأعشاب والنباتات ما شاءت فإذا قربت من شجرة التبغ وشجرة الدخان أبت ولم تأكل!! 

 وإنما يذم الإنسان بما شابه به الحمير من الصفات المذمومة، فمن يظن أن مطلق الاشتراك في الصفة يوهم النقص أو يستلزمه فهذا أجهل من الحمار !والحمير أمم أمثالكم لها صوت وبصر ووجود وصورة ليست كأصواتكم وابصاركم ووجودكم، وقد  تنوعت أشكال التعذيب فى الماضى، وكان من أبرز طرقها المتعلقة بالحمار هى، أن يتم وضع المحكوم عليه بالموت داخل بطن “حمار ميت” وتخييط هذه البطن، ويتم حرق الشخص حيًا داخل الحمار.

قال الشعراوي في مذكراته:” حدث أن وقع سعد زغلول من فوق الحمار، وهو يحمله متجولًا في القرية، وكسرت ساقه، وفي الحال استدعوا له الأطباء، من القاهرة طبعًا، وتصادف أن كان في قريتنا أسرة تعرف باسم (المجبراتية) وكانت شهرتها واسعة، حتى النساء منها، في أعمال تجبير الكسور، وشارك كبيرها الشيخ سيدي أحمد أطباء القاهرة في علاج الزعيم، وسجلت لنا هذه المكرمة في علاقتنا معه، وأصبحت عادة متبعة للآباء أن يصحبوا أبناءهم معهم ليروا سعد باشا في قريته، فكنت أواظب على زيارته في صحبة والدي وعمي طوال فترة علاجه. وأذكر من هذه الأيام أنه حدث أن حضر أحد الشعراء، وكان اسمه الجيهاري، وأراد أن يرى الحمار الذي أسقط من فوق ظهره سعد باشا، فأحضروا له الحمار، وكنت يومها في قرية الزعيم، وتساءلنا: (ما الذي سوف يفعله هذا الشاعر بالحمار؟ هل سيركبه أم سيضربه؟ وفوجئنا عندما أوقفوا الحمار أمامه ينشد فيه شعرًا قائلًا:

(حمار الزعيم.. زعيم الحمير

على عرش ملك الحمير أمير

أقام الحمير له حفلة

وأعطوه قفة من شعير

فإذا كان للتاكسي صفارة

فإن النهيق مكان الصفير)”

ذكر الثعالبي في كتابه (التمثيل والمحاضرة) وجاء في كتاب (السحر الحلال في الحكم والأمثال) لأحمد الهاشمي وذكر( الطرطوشي) في كتابه: (سراج الملوك)، وذكر (عبد القاهر الجرجاني) في كتابه (أسرار البلاغة)، قول الشاعر:

       ولو لبس الحمار ثياب خزٍ            لقال الناس يا لك من حمار

 لمن يحاول إخفاء حقيقته وتعظيم نفسه من خلال الثياب والأملاك والمادّيات، لكنّه مهما اختبأ خلف ملابسه وارتفع عن النّاس، يبق فارغا رغم جيوبه الممتلئة، فالمرء ليس بما يرتديه، بل بما يكمن في باطنه. المظهر غالباً ما يغشّ، فكم من مرّةٍ رأينا سخيفاً بلباس الأمراء، وعظيماً بلباس الفقراء.

فاستعملوا التمثيل بها لذلك، (الدميري، د.ت، ص11، (ومن ذلك قولهم: “خذ من الحمار شكره وصبره، ومن الكلب نصحه لأهله ومن الغراب كتمانه للفساد”  (التوحيدي، د.ت، ج 1، ص143ُ)

وفى الطقوس الصينية يتم تعذيب الحمير ثم ذبحها وذلك احتفالًا برأس السنة.. حيث يقوم الجزار بربط الحمار، ثم طرحه أرضًا، ويضربه بالمطرقة إلى أن يفقد الوعى، ثم يذبحه بسكين ومن ثم يقطعه لبيع لحمه طازجًا للراغبين.

 كما يعتبر الحمار جزءًا مهمًا من الأمثال والحكم الشعبية، فكثير من الأمثال تحدثت عن الحمار ومنها كما ورد فى الأمثال المصرية، “الشاطرة تغزل برجل حمار”، و”اربط الحمار مطرح ما صحبه عايز”.

كما جاء فى الأمثال الروسية، “الخوف يجعل الحمار أسرع من الحصان”، ومن الأمثال الإيطالية، “أمير جاهل حمار متوج”، ومن الأمثال الرومانية، “ماذا يعرف الحمار عن غناء العندليب؟”، ومن الأمثال اليونانية، “إذا رفسك الحمار فلا تلبطه”.

فالحمار لا يمكن بحال أن يكون غبيًا، هو صبور بطبعه.. وقد يبدو الصبر غباء أحيانًا، وجبنًا أحيانًا أخرى، له دور فى القصص والحكايات التراثية.. فجميع الأطفال استمعوا لقصص حجا وحماره.. ومن خلال الحمار استطاع جحا أن يعبر عن الكثير من جوانب الفلسفة والحكمة عن طريق نوادره العديدة، .

كما تنوعت قصص الحمار فى التراث العربى، ويوجد العديد من القصص التى يكون الحمار هو بطلها.. وتدور معظم أحداث القصة حول هذا الحمار مثل “قصة الحمار والمزرعة” و” الحـمار الهارب إلى الصحراء” و”حكاية الحمار والثور”.

 يعتبر الحمار من أكثر الحيوانات ارتباطًا بحياة الإنسان لأنه منذ عصور قديمة وهو يستخدمه الإنسان في أكثر من شيء وأهمها معاونته في مجال الزراعة حيث يستخدم في نقل الأشياء من مكان لآخر بخلاف استخدامه كوسيلة للمواصلات في المناطق الريفية وغيرها من الأشياء التي يظهر بها الحمار في حياة الإنسان.

وظهر الحمار في ثوب آخر خلال الفترات الماضية حيث استخدمه مجموعة من الفنانين في أعمالهم الفنية فمن الفنانين من استعان بالحمار ليظهر في بعض المشاهد بأعماله السينمائية ومنهم من تغنى باسمه في أغنياته.

فى فيلم (أميرة الجزيرة) سنة  1948م بدأت أحداث الفيلم بأغنية: ( يا حمار.. ده أنت طيارة.. شايلة طيار…)، لكن (شادية) كانت أجمل وأرق وأحن حين غنت لحمارها (مبروك) في فيلم (أمال) سنة 1952م، فغنت له من كلمات (مأمون الشناوي)، (شي ياحماري)،  وحمارها كان سببا للوصل بينها وبين بطل الفيلم.وغنى شكوكو للحمار في فلمه الشهير (عنتر ولبلب)  سنة 1952م ” اسمع يا حمار من فضلك.. طلعّنى أبرطع على طول.. وحياة حمورية والدك.. دلنى وأنا أجيب لك فول”

وجاء اللجوء لاستخدام الحمير تحديدًا فى السينما المصرية، لأنها كانت تلعب أدوارًا تعبيرية، أهمها إظهار الحمار أو صاحبه فى صورة الفقر والبؤس والشقاء، وهو ما ظهر فى فيلم (الفتوة) عام 1957م الذى جسد خلال أحداثه الفنان فريد شوقى شخصية (هريدى) الصعيدى الباحث عن الرزق فى سوق للخضار، ليستقبله أحد التجار بالصفع ويستخدمه بديلا عن الحمار المريض، وفي مشهد قديم من المشاهد الكوميدية في قيلم (المليونير الفقير)  بين الراحل (إسماعيل ياسين)  و( لطفى الحكيم) يصف الأخير صاحبه قائلا: “يا بحر العلم.. يا ترعة المفهومية.. يا فيلسوف الحمير” ساخرا من شخصيته، لكن الأول يرد عليه قائلا:” أنا فيلسوفك ياعمده” !!

 ومن ينسى حمار (أحمد الحداد)  في فيلم (صراع فى النيل) سنة   1959م المبهج المضحك المرح، الذي تعلق واشتاق  لصاحبه، منتظرا عودته على ضفاف النيل، لدرجة أنه قفز من المركب للوصول إليه.

وفي فيلم (خرج ولم يعد) سنة 1984م تقوم (ليلى علوي) بغسل حمارها ، ثم تظهر وهي  تمتطي ظهره، كما استثمر الراحل (أحمد زكي) الحمار صغيرا (الجحش) وكبيرا في فلمه (أربعة فى مهمة رسمية) سنة 1987 م وكان للحمار الأبيض ذكر في مشاهد عدة، منذ خروجه وسرقته وتبديله ؛ ليحدث ذلك أزمة كوميدية ساخرة من الروتين الحكومي الملل.

وليس ذلك فحسب بل ظهر في أكثر من عمل من أعمال (عادل إمام) والذي جعل منه ضيف شرف في أعماله الفنية وكان في هذه الأعمال يقوم بدور فارق في المحتوى الدرامي للعمل حيث ظهرا في فيلم (المتسول)، وكان يعمل على عربة كارو يبيع من خلالها الخضراوات وترك صاحب العمل العربة معه فنام ولم ينتبه لعمله فسُرق الحمار وهو ما تسبب في طرده من العمل ووقوعه بعد ذلك بين أيادي عصابة تجعله يعمل بالتسول وتتوالى الأحداث بعد ذلك، كما ظهر أيضًا في عمل آخر للزعيم عادل إمام وهو فيلم حنفي الأبهة والذي ظهر في مشهد واحد فقط في العمل حيث وقع الزعيم على ظهر الحمار بدلا من وقوعه على الأرض.

وفي الفترة الأخيرة سمعنا عن ذبح الحمير وتقديمها وجبات للناس في المطاعم، كما سلط صناع السينما الضوء على هذه الظاهرة في بعض الأفلام منها (يا أنا يا خالتي) وقد شارك الحمار بطولة بعض هذه الأفلام وغنى له (سعد الصغير)  أغنيته التافهة المبتذلة (بحبك ياحمار) وكلمات الأغنية –إن جاز التعبير- مدح في الحمار وصفاته.

مع زيادة ظهور الحمير فى الأفلام السينمائية زادت أجورها حتى أصبح المقابل المادى لأصحابها شرطا أساسيا لقبول الدور، ولكل حيوان أجره حسب مساحة ظهوره على الشاشة.   
فالحمار الذى ظهر مع (يحيى الفخرانى)  فى فيلم (خرج ولم يعد) عام 1984م وصل أجره اليومي إلى ثلاثمائة جنيه، ووصل أجر الحمار الذى ظهرت به (ليلى علوي) فى نفس الفيلم إلى ثلاثة آلاف جنيه، فيما وصل أجر الحمار الذى ظهر مع (عادل إمام) فى فيلم (حنفى الأبهى) الذى تم إنتاجه عام 1990م إلى خمسة آلاف جنيه، واللافت للانتباه أن الحمار الذى كان يمتطى ظهره الفنان عادل إمام ظهر بارزًا على أفيش هذا الفيلم.
أما الحمار الذى ظهر فى فيلم (أربعة فى مهمة رسمية) للفنان أحمد زكى فتم تأجيره بسبعة آلاف جنيه، بالإضافة إلى وجبات البرسيم، فيما تم تأجير الحمار الذى ظهر به (ماجد الكدوانى) فى فيلم (صعيدى رايح جاى) عام 2001 م بمبلغ مائة جنيه كأجر يومي. (وفي هذا الأمر مبالغات). 

كان في أحد الاسطبلات العربية معشر من الحمير وذات يوم أضرب حمار عن عن الطعام مدة من الزمن فضعف جسده وتهدّلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم وأراد أن يفهم منه سبب ذلك فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا فقال له: ما بك يا بني؟؟ لقد أحضرت لك أفضل أنواع الشعير.. وأنت لا تزال رافضا أن تأكل..أخبرني ما بك؟ ولماذا تفعل ذلك بنفسك؟ هل أزعجك أحد؟ رفع الحمار الأبن رأسه وخاطب والده قائلا: نعم يا أبي.. إنهم البشر.. دُهش الأب الحمار وقال لأبنه الصغير: وما بهم البشر يا بني؟ فقال الأب وكيف ذلك؟ قال الابن: ألم ترهم كلما قام احدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار..أنحن حقا كذلك؟ وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار.. يصفون أغبياءهم بالحمير.. ونحن لسنا كذلك يا أبي.. أننا نعمل دون كلل أو ملل.. ونفهم وندرك.. ولنا مشاعر.. عندها ارتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يردّ على تساؤلات صغيره وهو في هذه الحالة السيئة ولكن سُرعان ما حرّك أذنيه يُمنة ويٍسرة ثم بدأ يحاور ابنه محاولا أقناعه حسب منطق الحمير.. انظر يا بني إنهم معشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير بالإساءة.. فانظر مثلا.. هل رأيت حمارا في عمرك يسرق مال أخيه؟؟ هل سمعت بذلك؟ هل رأيت حمارا ينهب طعام أخيه؟ هل رأيت حمارا يشتكي على أحد من أبناء جنسه؟ هل رأيت حمارا يشتم أخاه الحمار أو أحد أبنائه؟ هل رأيت حمارا يضرب زوجته وأولاده؟ هل رأيت زوجات الحمير وبناتهن يتسكعن في الشوارع والمقاهي؟ هل سمعت يوما ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب من أجل الحصول على الشعير؟ هل رأيت حمارا من دولة عربية لا يفهم كلام أخيه من دولة عربية أخرى؟ هل رأيت حمارا عميل لدولة أجنبيه ضد بلده؟ هل رأيت حمارا يفرق بين أهله على أساس طائفي طبعا لم تسمع بهذه الجرائم الإنسانية!! اذن أطلب منك أن تحّكم عقلك الحميري وأطلب منك أن ترفع رأسك عاليا وتبقى كعهدي بك (حمار ابن حمار) واتركهم يقولوا ما يشاءون.. فيكفينا فخرا أننا حمير لا نقتل ولا نسرق ولا نغتاب ولا نسّب… أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول نعم سأبقى كما عهدتني يا أبي.. سأبقى (حمار ابن حمار).!!

د. أحمد مصطفى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *